قصة سيرك المسوخ للكاتبة ياسمين رحمي
أنا حقيقي كنت مستعدة، محضرة الأسئلة والدروس، قعدت ليلة كاملة في التظبيطات دي وحتى اليوم اللي بعده ولحد معاد الدرس في السنتر.
شلت شنطتي بكراريسي ولاب توبي واقلامي وكل حاجتي واتوجهت للمكان ووصلت قبل معاد الدرس بنص ساعة واستنيت الولاد ييجوا..
المفروض، المفروض إن اليوم ده كان هيبقى يوم طبيعي جدًا، هشرح الدروس بتاعة الكتاب زي أي مدرسة تاريخ عادية، لا هتكلم عن طق.وس ولا مذاب.ح ولا أشب.اح طفشت سكان المكان من المكان ولا تصف.يات ولا استدعاء أر.واح ولا غيره، وده عشان الامتحان كان عالأبواب، كان قدامنا 3 أيام بالظبط عليه، ودي كانت هتبقى المراجعة الأخيرة.. أهم حاجة النية..
الولاد كلهم وصلوا، المجموعة اكتملت، الساعة كانت 8 ونص بليل، كنا هنقعد ساعة ونص والدرس يخلص والمجلس ينفض. الجو كان كئيب إكمننا كنا ف عز الشتا، والكل كان متكتف، كآبة الجو انعكست على وشوش الطلبة، خصوصًا إن في كمان امتحان نص السنة وأنا مش ميس "هايدي" المعتادة بتاعة القصص الغريبة المسلية، أنا وقتها كنت ميس "هايدي" بتاعة يالا نخلص المنهج ونراجع تاريخ مصر القديم والحديث والأحدث منه.
لكن كل الخطط اتغيرت لما الكهربا قطعت عن السنتر..
الجو بقى برد أكتر، والدنيا عتمة، مفيش غير إننا نستنى النور ييجي، فاتت دقيقة والتانية ولحد العاشرة والنور مجاش..
طب نعمل إيه؟ الوقت بيفوت والولاد مكنش ينفع يتأخروا، لازم كنت أخد قرار..
بس في الحقيقة أنا مخدتش القرار، هم اللي خدوه، لقيتهم بيعملوا دايرة حواليا كده بالكراسي، وبيقربوا كإنهم بيتدفوا ببعض، وواحد منهم قال:
-ميس هايدي، إحنا عارفين إنك مش هتجيبي الامتحان صعب وإن تقريبًا الكلام اللي بيتقال هنا هو نفسه الكلام اللي بتقوليه في الفصل، إحنا بس بنحب نجيلك هنا عشان من الآخر بنحب نقعد معاكي أكتر، كل الفصل بيجيب نتايج قريبة من بعض، ومحدش عمره سقط، واللي المدرسين التانيين بيشرحوه ف شهور حضرتك بتنجزيه معانا ف أيام..
رفع كتابه وقال باستهزاء:
-واللي جوه ده أي حد فينا هيسمعه من الجلدة للجلدة، وأهو النور قطع..
=فإيه؟ عايز تقول إيه يا "إيساف"؟
"ترنيم" قالت وكإنها بتكمل كلام "إيساف":
-النور قطع، والأجواء شتوية كئيبة والجو برد، ومش ناقصنا غير حاجة واحدة بس، قصة من قصصك، مش من المنهج، القصص إياها، اللي براه..
=أيوه بس أنتوا غلطانين، ناقصنا حاجة تانية غير القصص عشان الأجواء تبقى مثالية، شمع!
-بس كده، ننزل حالًا ندور في الشارع كله على محل بيبيع شموع، دقايق وهنرجع.
3 من الولاد نزلوا فعلًا ورجعوا بعد وقت قليل بعدد من الشموع، ولعنا الشمع وقفلنا فلاش الموبايلات، قربت وشي من ضوء الشموع وبدأت أحكي:
=كل زمن ليه طبع معين، البشر فيه بيبقى ليهم سمات، بيبقوا كويسين ف حاجات ووحشين ف حاجات، عندكم مثلًا عصرنا ده، في هوس غريب بالأس.لحة الن.ووية، وكل بلد معتبرة إن دي هي القوة الحقيقية، وبتسعى يكون عندها س.لاحها الن.ووي الخاص، على أساس لما ده يحصل وتقرر تستخدمه هي مثلُا بس اللي هتنجو والدولة الع.دوة الوح.شة هتتمحي لوحدها من على وش الأرض، ده غير الهوس بالرحلات بره الأرض واستكشاف الفضاء، والتدوير على كائنات تانية، أنا أعرف إيه الشغلانة المن.يلة دي؟ عاملين زي اللي دخل وكر دبابير كبير، والدبابير ف حالة سبات لا دريانة بحاجة، ولا بيها ولا عليها، نقوم إيه، نجيب كشاف وطبلة وزمامير وندخل الوكر، عمالين نحوم ف الفضا الواسع ونرزع أقمار صناعية ونبعت إسطوانات عشان نعرف الفض.ائيين بينا، إيش عرفنا بالفض.ائيين ونوايا الفض.ائيين؟ يالا، أهو إحنا مش هنتهد إلا لما نجيب عاليها واطيها، المهم إن في عصر من العصور الناس كانت فيه ليها طباع كده غريبة، مكنش فيه لا تليفزيون ولا راديو ولا فضائيات ولا حتى سيما، فالناس كانت بتميل لأي لعبة أو عرض عجيب، أي حاجة تكسر الملل، وبرضه الناس طباعها كانت جامدة شوية، ما هو واحد جي مثلًا من آخر الدنيا عشان يتفرج على مسرحية، ودي خروجة مستنيها من زمن الزمن، أكيد مش هيقف يدعم ويشجع واحد مهزوز عالمسرح، جاله رهاب المسرح أو تعب أو اداؤه مكنش قد كده مثلًا، لازم طبعًا الراجل المس.حول ده يرميه بالطماطم ويزق.له بالطوب، ويرفع الكرسي ويح.دفه عليه، أو أي حاجة تفش غله على الأونطة اللي كلها والفلوس اللي اتكلفها. وعشان كده صاحبنا "مرزوق السباعي" نجمه سطع وسيرته بقت على كل لسان.
مرزوق بطل، لو الناس شافت بس ضله كانت بتحييه وتنحني احترامًا ليه، مكنش بيخاف من حاجة، وده عشان شاف اللي محدش غيره شافه.
من طفولته عرف إن في عالم تاني، عالم أكبر من اللي احنا فيه، عالم مش ملموس ومش معروف للكل، بره البني آدميين والحيوانات، الأليف منهم والم.فترس، وده لما شاف من شباكه الصغير مخلوق عدى زي البرق من قدام بيتهم، مخلوق ق.بيح، ملامح وشه سايحة ف بعض، مش باينله عنين واضحة من مناخير وبوق، وضهره محني ييجي بزاوية 90 درجة، وعنده رجل أسرع من التانية.
-إيه ده يا ميس، هو كل ده مرزوق لاحظه إزاي والمخلوق عدى بسرعة البرق؟
=حلو يا ترنيم، خلي الملاحظة دي في بالك. المهم إنه من وقتها "مرزوق" حس إن هدفه في الحياة مش إنه يشتغل ف ساقية سواء موظف حكومي أو غيره لحد ما ضهره يتكسر والسنين تتسحب زي البساط من تحت رجليه، مهي مش صدفة إنه شاف المخلوق ده دونًا عن كل الناس اللي حواليه، في كيانات تانية لازم يحا.ربها ويحمي البشر منها، إن مكنش هيق.تلها، يبقى على الأقل يحبسها، ومش كفاية يستنى لحد ما يشوف مخلوق بالصدفة، ده شد الترحال وبقى يدور عليهم بنفسه.
مرة مثلًا من المرات في حد حكاله إنه كان لسه راجع من رحلة ف البحر الأحمر وبالصدفة هو وطاقم السفينة الصغيرة اللي كان مسافر عليها نزلوا على جزيرة كانت باينة في الأول إنها مهجورة، كانت ساح.رة، الميه فيها صافية والسمك أكوام بيجري في العمق وعالشط والرملة بيضة وناعمة، وفيها نخل كتير مضلل الجزيرة كلها، لكن هم طلعوا غلطانين عشان مكنوش في الحقيقة لوحدهم، كان في مخلوقات تانية، مخلوقات ذكية، ليها فكر وجسم شديد، لكن لا الفكر كان سوي وإنساني ولا قوة الجسم استخدموها للخير، كل اللي كان يهمهم هو الصيد وبس، صيد أي حاجة، حتى البني آدمين، الكائنات دي أطرافها وجذعها يشبه البني آدمين، بيمشوا على رجلين من غير ما يستخدموا ايديهم وعندهم شعر مغطي كل فتفوتة ف جسمهم حتى وشوشوهم..
-مش يمكن دول ببساطة يكونوا نوع من القرود أو الغوريلات، هو تقريبًا نفس الوصف، وبرضه القرود أذكية جدًا، أقرب حاجة للإنسان.
=وهم القرود هياك.لوا بني آدمين يا "نضال"؟ وبعدين أنا لسه مكملتش، الكائنات دي هجمت على المجموعة بغرض إنهم يصطادوهم بس منجحوش، الرجالة قدروا يهربوا على سفينتهم وينطلقوا بيها وواحد منهم بس كان اتصاب بسهم غدار مس.موم، لكن برضه قدروا يعالجوه.
لما "مرزوق" سمع القصة دي قال مبدهاش، لازم كان يروح على هناك ويعلم على الوح.وش اللي بته.دد أرو.اح المسافرين والأبرياء اللي بينزلوا عالجزيرة، وراح فعلًا مع اللي حكاله عشان يوريله الموقع.
نزلوا الجزيرة وراحوا على كهف الوح.وش، "مرزوق" كان سامع أصواتهم الهم.جية وهم بيتحركوا بسرعة جوه الكهف، كان واضح من الصوت إنهم أعداد كبيرة، بس لما دخل في الكهف العتمة وف إيده شعلته اللي رفعها عشان ينور قدامه وحواليه على قد ما يقدر ملقاش غير عيون بتلمع بتتحرك بسرعة، هو برضه اتحرك بسرعة مع عدته، عدة صيد الوح.وش، لكن معرفش يصطاد حد منهم، فيما عدا..
-إيه يا ميس، مسك وح.ش؟
=أيوه، مسك وح.ش، أو بمعنى أصح وح.شة.
-واحدة ست؟
=إحنا قلنا إيه؟ مش ست ولا غوريلا، دي وحش، كائن كله شعر حتى ف وشها، ولابسه حتة قماشة كده يدوبك مغطية جسمها، وبتزعق بكلام مش مفهوم.
- يعني بتتكلم وبتلبس هدوم، حتى لو قماشة، بس ده معناه..
=إنه كائن ذكي، أرقى من الحيوانات بس أقل من البشر، وح.وش، مفت.رسين، ممكن نقول زي سمك القرش ف مملكة البحور، "مرزوق" البطل قدر يصطادها، ضرب سهام مخدرة من مسد.سه دو.ختها ف ثواني، وشال جايزته وأخدها وخرج بيها من الجزيرة وعلى وطنه، على مصر.
حب.س الوح.ش جوه قف.ص من أقفا.صه واحتواه، احتوى ش.ره وشرا
سته، "مرزوق" لاحظ حاجة على الوح.ش ده، بيبقى ش.رس بشكل خاص في وقت معين من الشهر، ليلة القمر فيها بيكمل وبيبقى بدر..
"ترنيم" شهقت وقالت بصوت مهزوز ومرعب ف نفس الوقت لايق مع الأجواء اللي في الأوضة من أضواء شموع وصقيع:
-مستذ.ئبة.
سألها "إيساف":
-إيه المستذ.ئبة دي؟!
ردت عليه بتحمس:
- المستذ
ئبين هم بشر عاديين، أو يبانوا عاديين، لكنهم بيتقلبوا لديا.بة مع اكتمال القمر في ليلة 14 في الشهر، بيبقى ليهم نفس صفاته بالظبط، نفس جسمه وجوعه ورغبته إنه ين.هش اللح.وم، وطبعًا لازم تكون حاجة حية عشان اللح.م يبقى طازة والد.م سخن، مش فارقة الكائن ده عبارة عن إيه، أي كائن بيتنفس هو فريس.ة محتملة، أنا كنت فاكرة إنهم إسطورة، بس أهو "مرزوق" قابل واص.طاد واحدة منهم.
=يجوز يا "ترنيم"، هو "مرزوق" مقالش لا مستذ.ئبين ولا غيره، هو قال إنها وح.ش من ضمن مجموعة الوح.وش بتاعته. والوح.ش الأنثى بتاعة الكهف المهجور في الجزيرة بقت زي الوح.وش الكاس.رة بتاعة جنينة الحيوانات، الأسود والنمور اللي بتعوي من ورا قف.ص من غير حول ولا قوة، والناس تيجي من هنا وهنا تتفرج عليها.
نيجي بقى للوح.ش التاني، النسر العملاق، أهالينا في الصعيد الجواني ف محافظة من المحافظات بلغوا سنة 1889 عن مشاهدات لطائر جا.رح بيحوم لما الضلمة تخيم، هم كانوا متعودين على الطيور المفت.رسة الضخمة اللي بتطير في السما بتاعتهم، الطيور اللي بتص.طاد حيوانات ويمكن كمان يكونوا خط.ر على الأطفال الصغيرين، المشكلة إن الطائر ده مكنش زيهم، على وصفهم كان أضخم بكتير منهم، في المرات النادرة اللي ظهر فيها في النهار كان بجمسه بيحجب الشمس ويقلب النهار ليل وده بسبب حجمه الضخم، لكن هو العادي بتاعه إنه يظهر بليل، كل ما الليل يغوط كل لما الخط.ر بيكبر ووصوله بيبقى أكيد، غير حجمه اللي زي ديناصور صغير، النسر كان بيهبط عالأرض، يلم أجنحته جوه ضهره ويمشي على رجليه الاتنين.
-يعمل إيه؟ يمشي على رجليه الاتنين ويلم جناحاته جوه ضهره؟!
=ده اللي قالوه أهل البلد لمرزوق.
-يعني ده برضه مش نسر طبيعي، مش طائر.
=ولا إنسان، حاجة ف النص، بتجمع ما بين الأو.حش في الاتنين، أو نقط القوة، حسب الزاوية اللي هتبص بيها على الموضوع، فيه دهاء الإنسان ورغبته في فرض السيطرة والحكم من خلال تخوي.ف الناس والتحكم ف تحركاتهم بحيث يعملوله 100 حساب وفيه شرا.سة الوح.وش، مخال.ب ونظر حاد خارق لطبيعة الإنسان وأغلبية المخلوقات التانية، يقدر يطير في السما ويقدر يمشي عالأرض.
-طب وده معناه إنه زي المخلوقات الأسطورية اللي بنسمع عنها؟ ممكن مثلًا يكون شخص طبيعي، حد من وسط الأهالي، حد الكل عارفه كويس وكمان بيثقوا فيه ويكون ليه حياة تانية سرية، بيقلب للمخلوق المر.عب ده وبيستمتع بالحياة المزدوجة المثيرة زي القت.لة المتس.لسلين؟
=ممم، مفيش تفاصيل كتير عن المسألة دي وصلت لمرزوق، هو بس الكلام اللي حكتهولكوا، وكمان إنه داير يصط.اد بني آدمين، في الواقع الحيوانات مكنتش بتشده تمامًا، لا بيصطاد جاموس ولا طيور ولا خرفان، بيصطاد بشر وبس، الند.اهة في القرية دي كانت بريئة من د.م الض.حايا، والمج.رم هو الراجل النسر زي ما أهل القرية سموه.
و"مرزوق" مكدبش خبر، حضر شنطة سفره المحندقة اللي جواها يدوبك كام هدمة وعدة الص.يد وراح على هناك، هو مكنش مصدق ف موضوع الراجل النسر، كان شايف إنها مجرد خرافة، حدوتة الناس بيتسلوا بيها، لكن برضه كان لازم يعمل حسابه، ميستهترش، ده اللي اتعلمه من مغامراته، كان مدرك إن لو الصياد استخف بفريس.ته الآية هتتقلب وهو اللي هيبقى الفريس.ة.
وصل وبقى مرابط في الأماكن اللي اتقال إن الناس شافت الراجل النسر فيها، فاتت ليالي وليالي والراجل النسر مظهرش، ولا حتى سمع رفرفته ولا شاف حاجة بتهبط من السما وبتلم جناحاتها، بس شاف حاجة تانية، كان خلاص ناوي يمشي، يرجع للقاهرة لما لاحظ واحد ف السوق، شاف لمعة غريبة ف عينه، والبؤبؤ لقاه بيتحرك بمرونة عالية، من أقصى اليمين لأقصى الشمال، غير عين أي بشري، حدسه قال له إنه هو ده، هو الوح.ش.
هج.م عليه ومسكه وسط ذهول الناس، الراجل فضل يص.رخ ويستن.جد وكان باين عليه مخض.وض جدًا وخاي.ف من "مرزوق" على أساس إنه راجل مه.بوش، عقله مش ف راسه، والناس اتجمعت من كل حته وبدأوا يشيلوا "مرزوق" من عليه وكمان سخنوا وكانوا هيض.ربوه عل.قة، "مرزوق" متراجعش وخرج من جيبه عص.اية بتتفك وتطول، الض.ربة بتاعتها حا.دة جدًا وبتل.سع، ووجهها ناحية الراجل، وهنا ملامح الراجل بدأت تتغير، وفقرات ضهره طقطقت بصوت مسموع للناس، وطى عالأرض وكتافه كانت زي ما تكون بتتحرك!
عينه لمعت أكتر وسنانه بقت حا.دة وفي جناحين خرجوا من ضهره، "مرزوق" نجح يخرج الوح.ش اللي فيه وده كان غرضه من البداية، يص.طاده على صورته الحقيقية وعشان الناس كلها تتأكد إنه هو الوح.ش كمان، وقبل ما يتحول تحول كامل ومحدش يقدر عليه "مرزوق" طع.نه بسك.ينة حا.دة ف مكان مش قا.تل عشان يخليه يتأ.لم ويش.ل حركته تمامًا، واص.طاد فريس.ته ورجع بيها على القاهرة..
-معقول راجل واحد قدر يعمل كل ده؟
=المفروض، ده قدر كمان يعمل اللي أكتر من كده، لسه قصة ص.يده للراجل الفيل.
أول ما خلصت جملتي، الشموع كلها اتهزت ف وقت واحد وكانت على وشك إنها تنطفي، كل الولاد اتهزوا وأنا كمان معاهم، سرحنا ف اتجاه نسمة الهوا اللي جت مرة واحدة، وبعد شوية بدأوا تاني يبصولي.
"نضال" قال:
-هو مفيش ابتكار خالص، أسماء الوح.وش كلها كده؟ الراجل النسر، الراجل الفيل..
=أهو بقى زي الرجل الوطواط والرجل العنكبوت، التفكير البشري واحد، في مصر بقى، ف كوالالامبور مش هتفرق، الراجل الفيل ده بقى حكايته حكاية، أمه كانت سا.حرة، ست بتمارس الس.حر الأ.سود، معندهاش لا ضمير ولا قلب، الناس ف منطقتها اتفاجئوا ف يوم إنها بتولد، وده عرفوه لإن الخدامة اللي عندها جريت على الداية وخلتها تروح تولدها، أصلهم كانوا مش بيتعاملوا مع السا.حرة دي خالص، كلهم بيتنفضوا منها، ست ش.رانية مش بتستحي ولا بتخ.اف ربنا، أذ.ت ناس كتير بأبش.ع الطرق، عيال كتير اختفوا وكان معروف مصيرهم، دب.حتهم عشان طقو.سها الشي.طانية، عشان تكمل تعاوي.ذها وأعمالها السف.لية، خلينا بقى في الولد اللي جابته، الداية خرجت من عندها بتجري أول لما الولد نزل والحبل السري اتقطع، بلغت أختها اللي بلغت جارتها اللي بلغت أمها اللي بلغت صاحب الدكان اللي جنب بيتهم اللي بلغ الشارع والمنطقة والمناطق اللي حواليهم إن الولد مهوش عادي، مهوش عيل زي بقية العيال، الواد عنده بدل المناخير زلومة.
-زلومة؟
=ايوه، وودان كبيرة مطرطقة، ممكن تدخل فيها زمارة بمنتهى السهولة وفرقة حسب الله كمان، وكام شعراية كده ف وسط الراس، الواد كان وشه يشبه الخالق الناطق الأفيال.
-وده حصل إزاي ده؟
رفعت كتافي ودلدلت شفايفي وقلت:
=الناس ليها نظريات طبعًا، يقال إنه..
اتنحنحت قبل ما أكمل:
=إنه الست دي من ضمن شعو.ذتها، سمعت كلام الشي.اطين اللي ملازمينها وكان ليها علاقة بفيل، مع طبعًا حبة تحابيش، طق.وس وحاجات عملتها خلت الأمر يتم وحملت بالراجل الفيل.. مش كفاية رع.ب الداية من إنها كانت بتولد أكتر ست شري.رة عرفتها المنطقة، لأ المنطقة إيه، التاريخ كله، كمان تلاقي في وشها كائن لا هو ولد زي باقي الولاد ولا بنت، كيان شيط.اني من كيان شيط.اني، يوم واحد عاشته كان كافي إن خبر الراجل الفيل ينتشر في المدينة كلها، لإنها مكملتش، اليوم اللي بعد كده لقوها متمرغة في بركة من د.مها وعينيها مق.لوبة وبؤب.ؤ عينيها ضايع.. وبدأ ر.عب المدينة من الراجل الفيل، إن كنتوا فاكرين إن العيال اللي خط.فتهم الس.احرة كانوا كتير فإنتوا غلطانين، عشان الراجل الفيل بقى يكسح الشوارع من العيال كإنه فرع.ون مو.سى اللي طلق حراسه يدب.حوا في الرضع اللي ملهومش ذنب ولسه موعوش على الحياة عشان يفق.دوها، الناس بقت تخ.اف تخلف، واللي حصل وحملت كانت بتهج من المدينة، تسافر وتولد إبنها ف مكان تاني ويا تفضل معاه هناك يا تسيبه عند حد من المعارف أو حتى ميتم، المهم مترجعش بيه، فاتت ال30 سنة من ساعة ولادته والمدينة مش لاقية لسه الأمان، لحد ما حد منهم سمع عن "مرزوق" والمكان بتاعه اللي مجمع فيه الوح.وش، خد بعضه هو وعدد من السكان وراحوا لعنده واستنجدوا بيه.
-و"مرزوق" ساب كل حاجة في إيده وراح على المدينة عشان يص.طاد الراجل الفيل وينقذ السكان منه..
=هو ده اللي حصل يا "هديل"، كالعادة ومع كل نداء من حد مظ.لوم أو خبر عن كائن خارق للطبيعة "مرزوق" مبيتأخرش ، الحمد لله إن أم الراجل الفيل كانت ما.تت بقالها سنة، يعني المواجهة كانت ما بين "مرزوق" والفيل وبس، المشكلة المرة دي إنه مش بس في مواجهة وح.ش، ده وح.ش بيم.ارس الس.حر، زيه زي أمه، ولما راح على وكر الس.حرة، البيت اللي محدش بيقربله مقدرش يدخله وده عشان كل ما يقرب من الباب تظهر حفرة من الن.ار على عتبته وكل ما يبعد كام خطوة الحفرة تتقفل، ده غير عيدان الورد اللي مليانة أش.واك واللي شافها بتكبر قدامه وبتتلف حوالين الشبابيك، يعني البيت قدامه بقى زي ثغرة عدو في معركة، هنا بقى قال مبدهاش، المرة دي مينفعش يبقى لوحده، راح للأهالي وطلب منهم مساعدتهم وهم خذلوه، مش عشان أندال، عشان خايفين من الوح.ش، وعندهم حق، ده مش بس مفت.رس، ده كمان وارث شيا.طين أمه وبيم.ارس الس.حر..لكن هو مستسلمش وفضل وراهم، لحد ما كذه واحد من الأهالي وافقوا يساعدوه.
-هو أنا ليه حاسس إن القصة دي مدية على شمس الزناتي؟
=مع اختلافات بسيطة، إن الموضوع مش مح.تل ضد أهل بلد، ولا اللي بيواجهوه بشري أساسًا، دي مع.ركة بره المنطق كله.
اللي حصل إنهم وصلوا لخطة، إن يبقى فيه طُ.عم، طفل صغير يمشي يغني بالقرب من بيت الراجل الفيل، والراجل الفيل يخرج ليه عشان يستدرجه لبيته وفي الوقت ده "مرزوق" والكام واحد اللي معاه يتسللوا للبيت ويستنوه هناك ويعملوا معاه الواجب، اصلكم متعرفوش قد إيه الأطفال كانوا مهمين للراجل الفيل ولأمه من قبليه، كل ما يبقى في ض.حايا منهم كل ما يزدادوا قوة والش.يطان يقدملهم كنوز الدنيا يغرفوا منها غرف.
-وأكل الط.عم؟
=أكل الط.عم، و"مرزوق" واللي معاه قدروا يدخلوا من غير ما يبقى في خنادق نا.ر ولا أش.واك على الشبابيك والحيطان، بس المرة دي القصة نهايتها مكنتش حلوة، الأبطال الشجعان الطيبين منجيوش والوح.ش متكس.رش، الوحيدين اللي نجيوا هم "مرزوق" والطفل اللي كان طُع.م، كل اللي كانوا معاهم ما.توا وبأبشع طريقة، "مرزوق" مرضاش يحكي تفاصيل، مقالش الموضوع إزاي حصل بالظبط، النتيجة ببساطة هو إن بطريقة ما ال9 اللي كانوا معاه رقبتهم ط.ارت، الراجل الفيل نجح يا بسحره بقى يا بعضلاته إنه يفص.ل رؤوسهم عن أجسامهم وده لما رجع البيت وحس علطول بوجودهم، و "مرزوق" بالعافية قدر يمسكه ويخ.دره وينقله معاه القاهرة..