حكاية فتاة التيك توك للكاتب أحمد محمود شرقاوي
لو متعرفنيش فاحب أقولك إن المشكلة عندك انت وفي اطلاعك وثقافتك, ببساطة لأني من أشهر التيك توكر في الفترة الحالية وعندي فولورز بالملايين بس انت اللي لسة رجعي ومش متابعني ولا متابع المحتوى الهادف اللي انا بقدمه, وعشان أسهلها عليك أنا البنت اللي بتشرك المراية معاها في كل فيديوهاتها, مشوفتش تريند المراية اللي بنستخدم فيه فلتر ونصور واحنا بنص لنفسنا في المراية بكاميرتين فيبان إنعكاسي في المراية إنها بنت تانية شبهي..
مشوفتش تريند الأغنية الشعبية الشهيرة وانا برقص وبغنيه قدام المراية لدرجة إن المراية بتاعتي اتشهرت اكتر من التريند نفسه, مشوفتش فيديوهاتي اللي جابت ملايين المشاهدات, معلش دي مشكلتك مش مشكلتي أنا, وياريت توفر نصايحك لنفسك لأن كل البنات بتطلع ترقص وتهزر وتقدم محتوى, عايز تعيش وشايف إن ده فجور روح أقعد في الكهف بتاعك وبلاش تصدعنا بكلامك الغريب ده عشان هطلعك انت وتعليقك تريند وهقفلك صفحتك دي..
وجهة نظري وقناعاتي اللي مش من حق أي حد إنه يتدخل فيها, وياريت تسيبوني بقا عشان أجهز للفيديو الجديد اللي بتمنى يكون تريند الفترة الجاية, دخلت أوضتي وقفلت الباب, اخترت طقم يبرز أنوثتي وجسمي, ماهو ده سبب شهرتي لو مكنتش تعرف, حطيت الموبايل ووجهته ناحية المراية, وكان الفيديو إني هدخل ناحية المراية واتفاجئ بنفسي وأقول جملة قبيحة اتقالت في فيلم عربي شهير لأني كبرت وزادت أنوثتي بقا وكدا..
كانت الساعة تقريبا 2 بعد نص الليل, حطيت الكاميرا ناحية المراية وبدأت تصوير وشغلت موسيقى على اللاب توب بعد ما لبست لبس مناسب, بس الغريب إني لاحظت حاجة غريبة أوي, المراية اختفى منها انعكاسي تماما وظهر شيء عجيب جدا, انا شوفت في المراية مقابر, مقابر مُظلمة كتير أوي, وقفت قدام المراية اللي وكأنها اتحولت لشباك بيطل على المقابر وانا حيرانة, فضلت أفرك في عنيا يمكن أكون بتخيل بس ده محصلش, فضلت اتأمل صمت المقابر المهيب ده لحد ما لمحت حاجة سودة جريت بين قبرين في لحظة واحدة, لدرجة إني من الخضة قلبي اتنفض من مكانه وجريت خرجت للصالة, وقفت أنهج وانا جسمي كله مقشعر وريقي ناشف حجر, روحت الحمام غسلت وشي ورجعت بحذر لقيت المراية عاكسة انعكاسي من تاني, خدت نفس عميق وقفلت كل حاجة لأني مكنتش هقدر أصور إطلاقا, وقولت أصور بكرة عشان الحق أنزل الفيديو بأي طريقة..
قفلت النور وحاولت أنام, حاولت مرة واتنين بس النوم كان طاير من عنيا تماما, وفين وفين لحد ما نمت في النهاية, بس في وسط نومي بدأت أحس بنور ساطع في الأوضة مضايقني جدا ومش عارفة انام بسببه, قاومت مرة واتنين لحد ما في النهاية قدرت إني أفتح, بصيت لمصدر الضوء واتصدمت, كانت المراية, المراية طالع منها ضوء ساطع أوي وكأنها كشاف قوي..
قعدت مكاني وانا مش مستوعبة اللي بيحصل وفي لحظة الضوء انطفى ورجعت الأوضة ضلمة من تاني, عنيا وجعتني وخدت وقت لحد ما قدرت أتعود على الضلمة, ووسط تركيزي وتوتري لمحت حد, شخص طويل بيخطي برجله من المراية وبيطلع منها, كنت شايفة هيئته رغم الضلمة, وكأن المراية بقا معبر وهو بيعدي منها..
مسافة ما لمحته انا اتشليت مكاني, مكنتش قادرة أنطق ولا اتكلم ولا أهمس بنص كلمة, شعر راسي كله وقف والكهربا مسكت في جسمي كله, لحظة وفيه حيوان عدى من المراية هو كمان, حيوان عامل زي الكلب, وقبل ما استوعب اللي بيحصل شوفتهم, راجل طويل وكلب واقفين في ثبات رهيب قدام سريري, ومش ظاهر منهم غير عيون شيطانية مُخيفة جدا جدا..
مقدرتش أعمل حاجة غير إني فقدت الوعي تماما, نمت كتير أوي وكأني نمت سنين طويلة, في النهاية صحيت, صحيت وانا جسمي متكسر ميت حتة وصداع شديد ماسك فيا, تمالكت نفسي بالعافية وقمت خدت دش, ببص في الساعة لقتها 10 بالليل, سألت أمي احنا الساعة كام وانا مصدومة قالتلي إني نمت طول النهار ورفضت ان أي حد يصحيني..
فتحت التيك توك عشان أفصل شوية لقيت الناس بيسألوا الفيديو منزلش ليه, أنا كدا هخسر جمهوري كلهم, طيب أصور برة, مينفعش لأن المراية بقت ديكور ثابت لتصويري, طيب أخد المراية للصالة, صعب جدا جدا, بدأت أوهم نفسي إن كل اللي شوفته كان مجرد حلم وبدأت أجهز للتصوير مرة تانية وانا بدعي ربنا كل حاجة تعدي على خير..
ظبطت الاضاءة, شغلت كاميرا الموبايل, لبست اللبس المكشوف, شغلت الموسيقى إياها, و
نفس المشهد بيتكرر من تاني, المراية بقت بتطل على مقابر, مقابر كتير أوي, مقابر منظرها مقبض ورهيب ومُخيف, قربت من المراية وانا في حالة صدمة جديدة, بس المفاجأة إني شوفت واحد واقف قدام قبر من المقابر دي, كان لابس أبيض وعنده دقن بيضا ووشه وكأنه بيشع نور..
بص ناحيتي وحسيت إنه شايفني وبدأ يقرب مني من جوة المراية, حسيت نوعا ما بالسكينة وإن الشخص ده استحالة يأذيني, ده أكيد عايز يساعدني, قرب من المراية أكتر وأكتر ولقيته بيمد إيده وبيبتسم ليا ابتسامة عذبة أوي, ابتسمت بتوتر ومديت إيدي عشان يمسكها, وفعلا حسيت بمسكة إيده اللي خلت جسمي كله يقشعر, إيده كانت باردة وكأني مسكت لوح من التلج, وقبل ما أستوعب شدني بعنف شديد ولقيت نفسي في قلب المقابر, واقعة على أرض كلها تراب ومن حوليا شواهد القبور, المراية اختفت تماما وبقيت في عالم من المقابر..
بصيت ناحيته بخوف بس مكنش نفس الشخص, كان كائن أو كيان تاني خالص, راجل عجوز عامل زي الهيكل العضمي, مجرد جلد على عضم, وعين من الاتنين مطموسة بالكامل وعنده أنياب طويلة, جسمي وكأنه بدأ يتخدر ويتشل من الفزع اللي مسك جسمي وقتها, بدأت أصرخ بأعلى صوت وحاولت أزحف عشان أبعد عنه..
وفي لحظة مسكني من رجلي ومن فزعي ضربته برجلي التانية وقمت أجري في قلب المقبر وانا بصرخ صرخات تصحي الاموات نفسهم, لحظات وبدأت أحس بخطوات سريعة أوي بتجري ورايا وصوت نباح كلاب, بصيت برعب ورايا شوفت كلب ضخم أوي بيجري ورايا بإصرار, طلعت فوق قبر من المقابر ونمت فوقه عشان ميحسش بوجودي, بس في لحظة وكأن سقف القبر انهار ووقعت جوة القبر من جوة..
وكأني اتنقلت بوسيلة ما لعالم من عوالم الجحيم, وفي قلب القبر حسيت بحاجة بتمسك في رجلي وبتسحبني في الرملة لتحت, وكأنهم بيخطفوني لعالم تاني, عالم تحت الارض, فضلت أقاوم وأزوم زي الحيوان الجريح لحد ما حسيت بجسمي بيتسحب بقوة ووقعت على أرض صلبة تماما, ولقيت نفسي في مكان زي الكهف, وقتها مقدرتش أقاوم ووقعت في غيبوبة طويلة أوي..
فقت على صريخ هستيري من أمي, قمت لقتني نايمة على سريري, هدومي متقطعة, وجسمي كله طين وتراب ومتخربشة في أكتر من مكان كأني كنت في حرب ضروس, حاولت أخليها تسكت لأني مكنتش قادرة أنطق بنص كلمة, وكل اللي كان بعد كدا كان عذاب ما بعده عذاب..
كنت كل ليلة بتسحب غصب عني للمراية دي والاقي نفسي في المقابر, ويظهر نفس الشخص العجوز والكلب, ويبدأ الصراع لحد ما أرجع وجسمي كله خرابيش وجروح كتير, واستمر الموضوع يمكن أكتر من اسبوع لحد ما فيه بنتين تيك توكر معروفين جم يزوروني وشافوني في وضع مأسوي, بنطق بصوت ذكوري, بتجيلي حالات صرع, شكلي زي المجانين, وواحدة منهم صورتني ونزلت الفيديو وطلعت تريند زي ما كنت بتمنى, بس تريند للفضيحة, واتقال عني كل ما تتخيله حرفيا..
مجنونة, ملبوسة, بتمثل, و و و
ببساطة كل اللي عملته إني جبت سكينة وقطع-ت شرايين-ي, بس يشاء ربك إني مموتش ويلحقوني, ويشاء ربك إن التريند يوصل لشيخ شهير وتواصل مع والدتي وجالنا زيارة في البيت, وطبعا قال إن البيت محتاج يتطهر, وإني ممسوسة بمس صعب جدا ومن أكتر من فرد, وإني ضعيفة جدا جدا والجن بيلعب بيا الكورة حرفيا, بس استعن بالله وبدأ معايا رحلة علاج طويلة إنتهت إنه فعلا عالجني, عالجني ورجعت أعيش تاني زي الناس, يومها فضلت أبكي يمكن أربع ساعات وهو قال إنه هيزورني تاني بالليل, وفضلنا نتكلم وقت طويل وينصحني, وقتها كنت ضعيفة أوي, ومحتاجة فعلا النصيحة, محتاجاها أوي..
قالي إن كل النصايح اللي كانت بتجيلي من الناس ما هي إلا رسايل ربانية عشان تسيبي المعصية الكبيرة دي, بس انتي كنتي بتكابري وتعاندي, وهنا إما ربنا يكون رحيم بيكي ويبتليكي بشيء عشان تتركي المعصية دي, أو تتفاجئي بملك الموت واقف فوق راسك, بس ربنا كان رحيم, وفي العذاب اللي شوفتيه ده قمة الرحمة, ربنا مخلقش البنت عشان تعرض جسمها وترقص وتتمايل قدام الناس, والاسلام ميز البنت المسلمة عن كل بنات الأرض بالحياء والحشمة والوقار, فلما انتي تنزعي فطرة ربنا من عليكي وتعملي ده بتكوني عرضة لكل الشياطين, سواء شياطين الإنس أو الجن..
شياطين الإنس اللي هيطول ينهشك هيعمل كدا بدون أي شفقة ولا رحمة, لأنك مرحمتيش نفسك وفهمتي إن ده غلط وحرام, وشياطين الجن هيلاقوكي صيدة سهلة خاصة إنك تمايلتي كتير قدام المراية ولفتي نظرهم ليكي أكتر من مرة, ربنا خلقك لهدف تاني خالص وانتي عملتي كارثة في حق نفسك, كارثة قادرة تهد حياتك ومماتك, ومع ذلك ربنا رحمك مرة واتنين, نجاكي من الموت وبعتني ليكي الحقك, توبي لوجه الله واحذفي كل صورك وفيديوهاتك من على الميديا واياك تعملي ده لأي سبب من الأسباب, ولو عملتي ده ولقيتي شهرة ونجاح وتسهيل في أمورك لازم تترعبي, لأن وقتها ربنا بيستدرجك ناحية موتك طالما المعصية بتتسهل, ويوم بعد يوم بتتنازلي أكتر عن أعظم حاجة فيكي وهي عفتك وحيائك, توبي لله وعيشي زي ما ربنا خلقك, بنت حيية تقية, تتجوزي وتطلعي نشأ صالح وتقابلي ربنا بأعمال صالحة غير كدا متلوميش إلا نفسك..
" محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان"