الحفرة بقلم الكاتب محمد ابراهيم عبدالعظيم
_ مش وقتهُ الكلام دا يا أيمن .. النهاردة فرح أختك فيروز .. ولازم كُلنا نكون جنبها .. مش نبوظلها فرحها .
كُنت بكلم أيمن ومحمود وكريم ولادي وإحنا واقفين قُدام قاعة الأفراح .. بعد ما قولت الجُملة دي لأيمن إبني الكبير .. لقيتهُ بيبُصلي بغضب ورد عليا بصوت عالي وقالي :
_ قولتلك مليون مرة قبل كدا ماتقوليش أختك دي .. إللي بتتجوز بفلوسنا ومبسوطة وفرحانة دي مش أختنا ولا عمرها هاتكون.. سامعاني .
لقيت كريم بيتقدم خطوتين ناحيتي وبيقول بنرفزة :
_ بدل ما الراجل إللي جوة دا ماكان يبعزء فلوسهُ على واحدة مش من دمنا .. كان يدينا حقنا أولى .. ولا إحنا بقينا كُخة دلوقتي .
لما بدأت ألاحظ عيون الناس إللي حوالينا بيبُصولنا بسبب صوتهم العالي .. مسكت إيد أيمن وكريم وبعدنا كام خطوة عن عيون الناس وأنا بقولهم بغضب :
_ إخص على تربيتكم .. أنا مش مصدقه إللي أنا بسمعه .. أنتو ولادي أنتو .. وبعدين يا أستاذ كريم الراجل إللي بتقول عليه دا يبقى أبوك .. إيه يا محمود .. ساكت ليه .. عاجبك كلام إخواتك دا .. ها .. رُد عليا .
قاطع أيمن كلامي وقالي بنبرة تهديد :
_ ماحدش هنا بيرد غير لما أنا أقولهُ .. من الأخر لو حقنا في الورث ماجاش .. ماحدش فيكوا يلومنا على إللي هانعملهُ .. أظُن كدا عدينا العيب .. ههه وإبقي سلميلي على الوالد .. دا لو لسه فاكرنا .
سابوني ومشيوا وفضلت واقفه مش عارفه أعمل إيه .. غصب عني دموعي نزلت بس لحقتها بسرعة علشان عز جوزي وفيروز مايحسوش إن في حاجة حصلت .
رجعت القاعة مرة تانية وأنا بحاول أرسم على وشي إبتسامة كدابة .
أنا كريمة .. بعد كام يوم هاتم ال 58 سنة .. حكايتنا أنا وعز حكاية مش زي اي حكاية سمعتوها او قرأته عنها، لأننا واجهنا صعوبات وتحديات كتير اوي ف حياتنا..
الموضوع بدأ بعد ما إتجوزنا ومر على جوازنا أكتر من 6 سنين وربنا مارزقناش بأولاد .
لفينا على دكاترة كتير أوي .. الكُل أجمع إن مافيش أي مشكلة تمنع الحمل .. المهم نصبر وربنا كريم .
وبالفعل كُنا صابرين وراضين من قلوبنا .. بس كُنت بكون حزينة ومتضايقة ف أغلب الأوقات .. عز ماكنش ليه أي إخوات .. وهو بيحب الأطفال أوي .. كُنت عايزه أشوفهُ مبسوط بإبننا أو بنتنا .. لكن الموضوع ماكنش بإيدي .
بس هو ماكنتش محسسني بحاجة .. دايماً راضي ومُبتسم ودايماً كلمة إللي يجيبهُ ربنا خير على لسانهُ .. حتى ف أصعب أوقات حياتنا .. لما إترفد من الشغل بسبب إنه إكتشف إن مدير التوريدات بيوافق على طلبية طعام مُنتهية الصلاحية .. ولما عرف دا اعترض .. واترفد علطول .. حتى لما راح يشتكي لصاحب الشركة إكتشف إن هو كمان متورط في الجريمة دي .
لف على المحاكم وبلغ عنهم لكن خرج من الموضوع غلطان .. ومديون .. كان بيستلف علشان أتعاب المحامي .. المحامي إللي جيه ف يوم وقاله:
_ أستاذ عز .. أنا من النهاردة بعيد عن القضية دي .. أنا مش قد الناس دول .. والأفضل ليك إنت كمان تسكت .. إسكُت علشان يسيبوك تعيش .
ماكنش في حل تاني .. بإيدينا إيه نعمله .. لف عز على معظم الشركات في مصر لكنهُ كان كان بيترفض .. كان بيترفض لمجرد بس مايعرفهُ إسمهُ .
عشنا أيام صعبة أوي .. أوقات كتير كُنا بنام من غير عشا .. فضلنا ساكنين في الشقة وماندفعش إيجارها لمدة 9 شهور كاملين ! .
وصاحب الشقة كان كويس أوي معانا .. وكان عالم بظروفنا .. علشان كدا ماكنش بيتكلم في إيجار .
بس غصب عنهُ وبسبب ضيق الحال بدأ يطالبنا بفلوسنا مؤخراً .
وعز كان بيخرج من الصبح مابيجيش غير بالليل وطول الوقت دا بيدور على شغلانة لحد ما واحد إبن حلال كان يعرفه من الشركة القديمة جابلهُ شغل في عمارة .. ( بواب ).
عُمر الشغل ماكان عيب ..
شاهد ايضا حكاية البيت المهجور بقلم الكاتب محمد ابراهيم عبدالعظيم
إللي يجيبهُ ربنا خير ..
كانت جُمل بيرددها عز لما عرف طبيعة شغلة في العمارة .. إتفق مع صاحب الشقة إنه هايديله حق ال9 شهور المتأخرين علينا أول ما ربنا يكرمه .
ولمينا حاجيتنا وتوكلنا على الله وروحنا العمارة .. كان لينا أوضة صغيرة في الأرضي .. عشنا فيها أجمل أيام حياتنا .. وكانت بالنسبالنا قصر .
وبدأت أساعد عز وأروح أجيب طلبات أصحاب الشقق إللي كانوا طيبين معانا أوي .. ماهو ربنا كريم .. دايماً يبعتلنا ناس ولاد حلال يساعدونا .
والحمدلله ربنا كرمنا .. وأول حاجة عملها عز لما أخد أول قبض .. راح ودفع جُزء كبير من الفلوس إللي علينا .. من صاحب الشقة إللي كُنا فيها .. لأصحاب المحلات إللي كان عز بيجيب منهم شُكك .
وتعدي أيام وأيام وكُل يوم أدعي ربنا يرزقنا بطفل .. كل يوم أعيط وأنا بسجد وأدعي من قلبي وجوايا ثقة إن ربنا مش هايرُد دعوتي أبداً .
لحد ما ف يوم وقبل صلاة الفجر بساعتين .. صحيت قلقانه من النوم على حلم غريب أوي .
شوفت نفسي إني قُدام حُفرة غويطة وأنا على حافة الحُفرة .. وكإن حد بيزوقني جواها لكن في إيد بتحاول تساعدني .. ماكُنتش شايفه في الحلم أي حاجة غير الحُفرة .. وقبل ما أصحى من الحلم لمحت الإيد إللي كانت مسكاني بكل قوة .. كانت إيد صُغيرة ورقيقة .. حتى بعد ما صحيت إستغربت إزاي إيد صغيرة زاي دي كانت مسكاني بالقوة دي !.
لما قلقت وصحيت لقيت قلبي بيدق .. قولت أصلي ركعتين قبل الفجر وأدعي زاي كل يوم .
لما فتحت باب الأوضة وقبل ما أدخل الحمام بصيت على باب العمارة إللي كان مقفول .. بس شوفت خيال لحد كإنهُ لازق في الإزاز من برة !.
روحت وفتحت الباب وعيني وقعت على أجمل وأحلى بنت في الدنيا .. طفلة ماعدتش ال3 سنين من عمرها .. متكلفته ف نفسها وبتترعش من البرد .
من غير ما أقولها أي حاجة دخلتها وقفلت الباب .. دخلتها الأوضة وخليتها تنام على السرير وتتدفى .
رجعت فتحت باب العمارة وبصيت يمين وشمال .. قولت يمكن تكون تاهت من أهلها وهما قريبين .. وفضلت لحد الصبح قاعده مستنيه أي حد ييجي يسألني عليها .. لكن ماحدش جيه .
تاني يوم الصبح عز شافها وسألني مين دي .. قولتله إللي حصل .
لما سألنا البنت إسمك إيه وفين أهلك ماكنتش راضيه ترُد علينا .
جيبنالها أكل ومع الوقت بدأت تفك وترد علينا .. عرفنا منها إن أبوها وأمها متوفيين وإنها كانت عايشه مع عمتها وإن جوزها طردها من البيت .
برغم إني بكيت لما كانت بتحكيلي ببراءة وهي باصة للأرض .. إلا إني حمدت ربنا وروحت فوراً صليت ركعتين شُكر لله .
ربنا رزقنا ب ڤيروز .. وكانت بالنسبالنا كل حاجة ف حياتنا .. إتعلقنا بيها جداً .. عز ماكنش بيرفضلها طلب خالص .
وتمُر الشهور والحمدلله ربنا كرمنا وفتحنا محل بقالة صغير جمب العمارة .. كُنت بقف فيه أنا وڤيروز وعز ف شغله زاي ماهو .
وجيه اليوم إللي حسيت فيه إني تعبانه ودوخت فجأة وحسيت بوجع ف بطني .. لما روحت كشفت .. سمعت الدكتور بيبارك لعز وبيقوله :
_ مبروك المدام حامل ف شهرين .
الفرحة ماكنتش سايعاني .. وبعد كام شهر جيه أيمن .. لما إتولد كان عنده ثقب صغير ف القلب .
لفينا عليه لدكتره كتير والحمدلله بقى كويس .. وف يوم لقيناه أغمى عليه ونزف دم كتير .. روحنا المستشفى بسرعة والدكتور طلب نقل دم .. فصيلة دمه طلعت زاي فصيلة دم عز .. وقتها أدخوا من عز دم كتير .. وكل ما كان الدكتور يقول كفايا .. كان عز بيرفض ..
وخدوا من عز دم كتير .. وبفضل الله أيمن قام بالسلامة .
بس من بعدها عز بدأ يتعب ومايقدرش يتكلم وكان أوقات كتير بيغمى عليه .. ولما سأل .. الدكاترة قالوله بسبب الدم الكتير إللي جسمك فقده .. وجسمك للأسف بيعوض الدم ببطء شديد .
لكن كان راضي وفرحان إن أيمن بقى بخير وماكنش هامهُ نفسهُ .
وبعد سنة ربنا رزقنا بمحمود وبعد منهم كريم .
بعد سنين عجاف .. ربنا رزقنا بأجمل 4 أولاد ملوا حياتنا بهجة وفرحة وسعادة .
ولا أنا ولا عز كُنا بنفرق ف المعاملة بينهم وبين بعض .
وعز كان مقرر مايقولش لحد إن ڤيروز مش بنتنا .. وإعتبرها بنته .
وكبرت ڤيروز وسطيهم وبقينا عيلتها وعزوتها .
والمحل الصغير بقى محلين وتلاتة لحد ما فتحنا ماركت كبير كُنا بنبيع فيه فاكهة وخُضار .
وبقى عندنا عمارة فيها 5 شُقق لكل واحد من ولادنا شقة يتجوز فيها .. وأنا وعز شقة .. ربنا رزقنا من وسع .. كل فترة مش طويلة كُنت باخُد ڤيروز ونروح لدار أيتام .. نجيبلهم لعب كتير وكُنت بسيبلهم إللي ربنا يقدرني عليه .
وف يوم ماكنش ف حسابتنا جت واحدة ست كانت بتشتري من الماركت وعينها وقعت على ڤيروز .. جريت عليها وفضلت تاخُدها بالحضن وتبوس فيها وهي بتبكي .
لحد ما إتصدمنا بعد ماعرفنا إن الست دي تبقى عمة ڤيروز .. وبرغم إن فيروز بقى عندها 14 سنة بس ملامحها ماتغيرتش .. علشان كدا عمتها عرفتها بمجرد ماشافتها .
في الوقت دا أيمن ومحمود وكريم عرفوا الحقيقة .. وبعد إللي حصل مُعاملتهم مع ڤيروز إتغيرت خالص .
طبعاً عمة فيروز كانت عايزه تاخدها لكن فيروز رفضت ولما عز كلم عمة ڤيروز قالتلهُ وهي بتعيط :
_ والله أنا فضلت أدور عليها أيام وشهور كتير بعد ماعرفت بإللي محمد جوزي عملهُ ف فيروز بنت أخويا .. حسبي الله ونعم الوكيل فيه .. صدقني يا أستاذ عز .. أنا إتطلقت منه بعد ماعرفت إنه طرد فيروز ف عز الليل وأنا نايمه .
حاول عز يهديها وقالها بلطف :
_ مش هانقدر نمنعك إنك تشوفي ڤيروز .. وطبعاً حضرتك عرفي المكان وبالمُناسبة إحنا ساكنين في العمارة إللي هناك دي .. يعني بينا وبين الماركت مافيش كام خطوة .. بس بستسمحك .. ڤيروز هاتفضل معايا .. مش بسهولة هاقدر أفرط فيها ..وغير كدا هي رافضه الفكرة .
وفعلاً من بعد إللي حصل وكل يوم عمتها تجيلها وتقعد معاها وكانت بتسيب معانا فلوس لڤيروز .. طبعاً بعد مُعاناة ورفض مننا إلا إنها كانت مُصره جداً.
في الفترة دي الخلافات زادت جداً بين أيمن وكريم مع ڤيروز .. محمود بعد ما فهم وضعها سكت وكان واقف ف صفها .
وتعدي الأيام زاي الثواني .. والأولاد يكبروا وف قلوبهم كره وبغيضة من ڤيروز .
إلا محمود ؛ لإنهُ حب ڤيروز .. وطلب يتجوزها .. لك عز رفض .
والسبب إنهُ كان زايه زاي إخواتهُ .. ماحدش كان بيساعد عز في شغلهُ .. وعمل كل حاجة علشان يشيله عنه لكن التلاتة قرروا يشتغلوا بعيد عن أبوهم.. ودي حاجة كانت مضايقه عز أوي .
كان بيحلم يكبروا بسرعة علشان يشيله عنهُ .. خصوصاً في الفترة دي عز تعب ودخل المستشفى .
لما سمعت الخبر فضلت أتصل بأيمن وكريم ومحمود ماحدش فيهم كان بيرد عليا .. لما طلعت الشقة سمعتهم بيتكلموا مع بعض .. وسمعت صوت أيمن وهو بيزعق لمحمود وبيقولهُ :
_ شوفت يا بيه .. شوفت أبوك عمل معاك إيه .. قولتلك من زمان إنه بيبدي البت إللي إسمها ڤيروز دي عننا .. إحنا إللي من دمهُ بيكرهنا والبت بتاعت الشارع بقت هي الكل ف الكل.
رد عليه محمود وقالهُ :
_ ماتجبش سيرة ڤيروز على لسانك .. وهي كان بإيديها إيه يعني .. هي إللي رمت نفسها ف الشارع ؟ .. مية مرة أقولك يا أيمن خليك ف نفسك .. ملكش دعوة بيا وبحياتي .. أنا حُر يا أخي .
قبل ما أدخل وأقاطع كلامهم سمعت كريم بيقول بسُخرية :
_ خلاص بقى يا أيمن سيب حودة براحته .. هو فعلاً حر .. بس بقولهالك يا محمود من دلوقتي .. ماتجيش تتكلم ف قرش ساغ واحد .. إللي بنعمله أنا وأيمن ملكش أنت فيه .
ف الوقت دا ماستحملتش وفتحت باب الأوضة عليهم .. إتخضوا وبدون مقدمات عرفتهم إن أبوهم إتنقل المستشفى .
صعب عليا أقول الكلام دا بس في الحقيقة ماحدش فيهم إتهزتلهُ شعراية واحدة !.
وبكُل برود أيمن قالي :
_ لكل أجل كتاب يا ماما .. لا رد لقضاء الله .. وبعدين إديلي عقلك .. بقى سايبنا ومابيصرفش علينا وعايزانا نجري عليه .. ما أكيد لأ طبعاً .
ماحستش بنفسي إلا وأنا بضربه بالقلم .
وسيبتهم وجريت على المستشفى .. لقيت ڤيروز قاعده جمبه وبتقرأ قرآن وهي بتعيط .
لما شافتني جريت وإترمت ف حُضني وهي بتقولي وهي بتعيط :
_ أنا خايفه على بابا أوي يا ماما كريمة .. بالله عليكي قوليلي إنهُ بخير ها .. قوليلي ماتخبيش عليا .
في الوقت دا الدكتور دخل ورفض وجودنا ف الأوضة معاه ولما خرجنا برة طمنا عليه وقالي
الجزء الثاني والأخير
↚
في الوقت دا الدكتور دخل ورفض وجودنا ف الأوضة معاه ولما خرجنا برة طمنا عليه وقالي :
_ إرتفاع مُفاجيء ف ضغط الدم .. ماتقلقوش هو شوية وهايفوق وتقدروا تاخدوه معاكم .. بس لازم تخلوا بالكم منه .. أنا عموماً كتبتله على أدوية لازم يمشي عليها بإنتظام .. علشان لاقدر الله الموضوع مايكبرش مننا ومانلحقش نعمل حاجة .
وخرج عز من المستشفى .. بصلي بنظرة حُزن وأسى فهمتها علطول .. طبطبت عليه وأنا بسنده علشان نركب العربية ونرجع بيتنا .
طول الطريق كان ساكت .. الدموع محشوره ف عيونه .. كنت حاسه بإللي هو حاسس بيه .. ماهو صعب تقع ف ضيقة ولما تفوق منها ماتلاقيش أقرب الناس ليك واقفين جمبك ولو حتى بقلوبهم .
وفضل عز قافل على نفسهُ باب أوضته ورافض أي حد يدخل عليه حتى أنا .. ڤيروز الوحيدة إللي كان بيسمحلها تدخله .
وف يوم كُنت بجيب طلبات للبيت وسايبه ڤيروز مع عز .. ولما رجعت سمعت صوت عالي وناس كتير متجمعين تحت العمارة بتاعتنا .. جريت وسيبت إللي ف إيدي وطلعت فوق .. سمعت عز وهو بيزعق وصوت أيمن بيرُد عليه بصوت أعلى .. وبينهم ڤيروز ماسكه عز وبتتحايل عليه يهدى شوية.
محمود وكريم واقفين بعيد وشايفه موبايل متكسر.
أول ما أيمن شافني لقيته بيقولي بغضب :
_ تعالي شوفي الهانم إللي طالعينلي بيها السما بتعمل إيه من وراكوا .. الهانم دايرة على حل شعرها وبتكلم رجالة على موبايلها .
رد ڤيروز عليه وهي بتعيط بحرقة وبتقولهُ :
_ أخرس أنا عمري ما أعمل كدا .. الراجل دا والست دي .. ربوني أحسن تربية .. وأنا عمري ما أعمل حاجة زاي دي .. منك لله .. روح يا شيخ منك لله .. الناس تقول إيه عني .
كُنت واقفة مذهولة ومش عارفه أتكلم أقول إيه .. كُنت واقفة جمب عز إللي كان قاعد على طرف الكرسي وهو بيبص لأيمن بصمت وماسك قلبهُ وبياخد نفسه بالعافية .
فضل أيمن يتكلم ويزعق ويبجح أكتر لحد ما نطق عز بالعافية وقالهُ بصوت مبحوح :
_ أنت من النهاردة .. لا إبني ولا أعرفك .. قلبي غضبان عليك ليوم الدين .
لسه أيمن هايرد جريت عليه وللمرة التانية ضربتهُ بالقلم قدام الناس .. مسك خدهُ وهو باصصلي ف صمت وكانت ثواني وإختفى وسط الناس .
نزل كريم وراه وفضل محمود واقف وهو بيمسح دموعهُ وهو بيوزع نظراتهُ عليا وعلى أبوه .. حسيت إنهُ عايز يجري على أبوه .. لكن أتردد ومشي وراهم هو كمان .
قفلت باب الشقة وروحت جبت الدوا وإديتهُ لعز .. بعد ساعة وكام دقيقة وبعد ما هدي تماماً لقيتهُ بينادي على ڤيروز إللي كانت في المطبخ .. حط إيده على كُرسي جمبه بمعنى إنه بيقولها تعالي إقعدي هنا .. ولما جت وقعدت جمبهُ وكُنت أنا قاعده قُصادهم .. لقيت عز بيحاول يبتسم وهو موجه نظره على ڤيروز وموجهلي الكلام وبيقولي :
_ باركي لبنتك يا كريمة .. ڤيروز كبرت وجالها عريس .
فرحت جداً ولقيت ڤيروز إتفاجئت ووشها إحمر .. قمت من مكاني وحضنتها وبوست على دماغها وأنا بباركلها ودموعي نزلت مني .
_ ماسألتنيش يعني مين هو العريس يا ڤيروز ؟ .
رد عليه ڤيروز بخجل وقالت :
_ هايكون مين يعني يا بابا الله .
ضحك عز وقالها وهو بيضحك :
_ دكتور أحمد يا ستي .. الدكتور إللي كشف عليا في المستشفى .. شوف البت هاتعمل إني مش فاهم .
لقيت ڤيروز بعد ما كانت بتضحك زعلت وبصت ف الأرض .. لما سألتها مالك .. رد عليا عز وقالي بعد ماتنهد :
_ أصل دكتور أحمد إتصل على موبايلها لما لقى موبايلي مقفول .. مانا إديتلهُ رقم ڤيروز وقولتله لو لقيت موبايل مقفول إتصل بالرقم دا .. وكنت مفهمه إن دا رقمي التاني .. ولما إنتي نزلتي وكنت قاعد ف أوضتي وڤيروز معايا .. موبايلها رن .
سكت شوية وهو بيبص لڤيروز وبيطبطب عليها ورجع يتكلم ويقول :
_ أيمن دخل الشقة وبص على الموبايل ورد على الدكتور وهاتك يا شتيمة وقلة أدب ف الراجل .. وحصل إللي جيتي وشوفتيه .. شوفتي يا كريمة .. أنا ماعرفتش أربيه .. ماعرفتش أربيهم يا كريمة .
حاولت أهديه بعد ما بكى وهو بيقول أخر كلامه ليا .. واسيتهُ على قد ما أقدر .. وفعلاً كانت أيام وجيه الدكتور أحمد وخطب ڤيروز .
وبعد كام شهر على حسب ما إتفق معانا كتبوا الكتاب وجيه يوم الفرح ولقيت أيمن بيتصل بيا وأنا ف القاعة .. لما رديت لقيته بيقولي :
_ إطلعي برة دلوقتي أحسن ما ندخل نخرب الفرح ونعملكوا فضيحة .
قفلت معاه وخرجتلهم برة .. أول ما شافني لقيت أيمن بيدوس على سنانه وبيقولي :
_ إسمعي بقى يا أمي .. إحنا سكتنا بما فيه الكفايا .. فهمي الجدع إللي جوة دا إننا لينا حقوق .. ولازم يديهالنا .. مايخصناش بقى أي حاجة تاني .. يكتبلنا حقنا وهو حي .
إتصدمت من كلام أيمن ومن سكوت كريم ومحمود إللي فهمت إنهم متفقين على كلامهُ .. ماكُنتش شايفه قدامي ولادي إللي كُنت بتمناهم من ربنا وإللي كُنت بدعي ربنا ليل ونهار إنه يرزقني بيهم .. كُنت شايفهُ قُدامي شياطين .. كُنت عايزه أضربهم ألف قلم علشان أفوقهم .. بقى بعد ما أختفوا ومشيوا من العمارة أكتر من 7 شهور ماسألوش علينا .. ييجوا دلوقتي وكل همهم فلوس وورث ! .. وعلشان أخلي الليلة تعدي على خير قولت لأيمن بهدوء :
_ مش وقتهُ الكلام دا يا أيمن .. النهاردة فرح أختك فيروز .. ولازم كُلنا نكون جمبها .. مش نبوظلها فرحها .
بعد ما قولت الجُملة دي لأيمن إبني الكبير .. لقيتهُ بيبُصلي بغضب ورد عليا بصوت عالي وقالي :
_ قولتلك مليون مرة قبل كدا ماتقوليش أختك دي .. إللي بتتجوز بفلوسنا ومبسوطة وفرحانة دي مش أختنا ولا عمرها هاتكون سامعاني
.
لقيت كريم بيتقدم خطوتين نحيتي وبيقول بنرفزة :
_ بدل ما الراجل إللي جوة دا ماكان يبعزء فلوسهُ على واحدة مش من دمنا .. كان يدينا حقنا أولى .. ولا إحنا بقينا كُخة دلوقتي .
لما بدأت ألاحظ عيون الناس إللي حوالينا بيبُصولنا بسبب صوتهم العالي .. مسكت إيد أيمن وكريم وبعدنا كام خطوة عن عيون الناس وأنا بقولهم بغضب :
_ إخص على تربيتكم .. أنا مش مصدقه إللي أنا بسمعه .. أنتو ولادي أنتو .. وبعدين يا أستاذ كريم الراجل إللي بتقول عليه دا يبقى أبوك .. أبوك إللي سف التراب علشان تعيشوا وتلاقوا اللقمة .. علشان تلبسوا اللبس الغالي الشيك دا .. طلع عينه علشان تكونوا ف أحسن حال وماتتحوجوش لحد .. بقى دي نهايتها .. إيه يا محمود .. ساكت ليه .. عاجبك كلام إخواتك دا .. ها .. رُد عليا .
قاطع أيمن كلامي وقالي بنبرة تهديد :
_ ماحدش هنا بيرد غير لما أنا أقولهُ .. من الأخر لو حقنا في الورث ماجاش .. ماحدش فيكوا يلومنا على إللي هانعملهُ .. أظُن كدا عدينا العيب .. ههه وإبقي سلميلي على الوالد .. دا لو لسه فاكر إن ليه عيال من دمهُ .
سابوني ومشيوا وفضلت واقفه مش عارفه أعمل إيه .. غصب عني دموعي نزلت بس لحقتها بسرعة علشان عز جوزي وفيروز مايحسوش إن في حاجة حصلت .
رجعت القاعة مرة تانية وأنا بحاول أرسم على وشي إبتسامة كدابة .
وخلص الفرح ورجعنا شقتنا بعد ما وصلنا ڤيروز لشقتها الجديدة .. على قد ما كُنت مبسوطة لكن بمجرد ما رجعت الشقة أنا وعز .. فضلت أبكي كإني مابكتش قبل كدا خالص .
ڤيروز كانت ماليه علينا حياتنا بجد .. وعمرها ماسببتلنا ف أي مشاكل ولا تعب .
وسط مانا عمالة أفتكر الذكريات موبايلي رن .. لقيت أيمن بيتصل بيا .. فصلت عليه لكن رجع يتصل تاني .. في الوقت دا عز كان بيخرج من الحمام .. وعرف إن أيمن بيتصل بيا .. قالي بحزم :
_ ردي عليه وإفتحي الإسبيكر .. عايز أقوله حاجة مهمة .
كُنت خايفه .. بس سمعت كلامه ورديت .. وقبل ما أنطق نص كلمة .. لقيت عز بيقول لأيمن :
_ إنا كتبت كل ثروتي وكل ما أملك لڤيروز .. إبقى وريني بقى هاتعمل إيه أنت وإخواتك .. توصل بيك قلة الأدب والوقاحة إنك تهددني يا كلب .
قفلت السكة وأنا مصدومة .. بصيت لعز لقيته بيقولي بنبرة إرهاق :
_ أيوة يا كريمة .. سمعت كل حاجة بينكوا لما كنتوا واقفين برة القاعة .. إيه إللي بيحصل دا .. عيالي بيهددوني .. هايعملوا إيه يعني يا كريمة .. هايموتوني .. ماهما كدا كدا عايزين يموتوني بالحيا .. أنا عملتلهم إيه .. قوليلي .. فكريني .. يمكن ماصرفتش عليهم بالحلال .. يمكن فرقت في المعاملة بينهم وبين بعض .. إيه إللي أنا عملتهُ يا كريمة يخليهم يعملوا ف أبوهم كدا .
كان بيتكلم بنرفزة وغضب .. كُنت واقفه قدامه عاجزه عن الرد .. لقيتهُ مش قادر يقف ومسك دماغهُ وف أقل من ثانية وقع على الأرض !.
كان يوم صعب عليا أوي .. الوقت كان متأخر وماكنتش لاقيه أي حد .. إتصلت بعربية إسعاف ولما جم شالوه وودوه أقرب مستشفى .
بعد ما الدكتور كشف عليه وبعد الفحوصات عرف منهُ إن عز جاتلهُ جلطة دماغية !.
وفضل ف غيبوبة دامت لشهرين كُنا فاقدين فيهم الأمل .
ڤيروز لما عرفت إنهارت وجت جري هي وجوزها وفضلت جمب أبوها .. فشلت كل محاولاتي معاها إنها ترجع بيتها خصوصاً إنه كان يوم صباحيتها .. لكنها رفضت ومن قبلها جوزها كمان .
وبعد شهرين فاق عز .. بس فقد جزء كبيرة من الذاكرة .
حمدت ربنا إنه بقى بخير .. بس للأسف .. ماكملش يومين بعد ما فاق وراح عند إللي خلقهُ .
عز مات وإرتاح من إللي ولاده عملوه فيه .. مات وسابني .
أيمن ومحمود وكريم لما عرفوا أول حاجة عملوها قضية حجر عليا علشان يستولوا على العمارة .
وفعلاً طردوني من الشقة ورموني ف الشارع .. لما ڤيروز عرفت جابتني أعيش معاهم ف الشقة .. ماكُنتش موافقة وقررت أروح دار مسنين .. بس جوزها أحمد ربنا يباركله رفض رفض تام وأصر أقعد معاهم .
شعور صعب أوي .. ولادي رموني ف الشارع .. جالهم قلب يطاوعوا شيطانهم ويعملوا إللي عملوه فيا ومن قبلي أبوهم علشان فلوس .
ومرت الأيام بملل وببطء .. لحد اليوم إللي لقيت فيه باب الشقة بيخبط .. لما ڤيروز فتحت سمعت راجل من برة بيقولها بصوت أجش :
_ أنا المحامي عبدالله أبو الوفا .. صديق المرحوم عز .. لو سمحتي هي مدام كريمة موجودة ؟ .
كان بيقول لڤيروز إنه محامي .. لما جيه وإتكلم معايا إدالي ملف وعرفت منهُ إنها وصية عز الله يرحمهُ .. وكان موصيه يبعتلي الوصية بعد ما يموت وكإنه كان حاسس .
الوصية ببساطة كانت تقسيم الورث كله بالعدل بين ولادهُ التلاتة وبين ڤيروز .
في اليوم دا وغصب عني ماقدرتش أسيطر على دموعي .. يعني بعد إللي عملوه فيه ماهانش عليه ينفذ الكلام إللي قاله لأيمن ويكتب كل حاجة لڤيروز .
رغم إللي عملوه فيه إلا إنه أب .. وعمري ماشكيت لحظة إنه بيكره ولاده .. ودايماً كان بيدعيلهم بالهداية .
وبالفعل قسمت الورث زاي ما في الوصية .. كانوا طايرين من الفرح .. خدوا الفلوس وكل واحد راح شاف حياته بعيد عن التاني .
ولما إديت لڤيروز فلوسها .. خدتهم وغابت عني كام ساعة ورجعتلي تاني .. ولما سألتها روحتي فين .. قالتلي وهي بتضحك :
_ إتفضلي يا أحلى أم في الدنيا .. دا عقد شقتك الجديدة .. وعلفكرا مش هاتروحيلها .. أنا كمان أجرتهالك .. وإنتي هاتفضلي معايا هنا مش هاسيبك .
= وليه يا بنتي عملتي كدا .. دي فلوسك .. حقك يا بنتي .
_ بصي بقى يا ماما إنتي تقومي كدا زاي الشطورة تلبسي علشان هانروح مشوار صغير .
ولبست فعلاً ونزلت معاها .. كانت مودياني لمكان كُنت بشبه عليه أول مادخلنا شارع معين .. لحد ما إفتكرته لما قالت لسواق التاكسي :
_ أيوة هنا يا أسطى شكراً .
كُنا واقفين قدام دار الأيتام إللي كُنت متعوده أروحها من وقت طويل .. لكن بسبب إللي كان حاصل مابقتش بروح .
ودخلنا الدار والمفاجأة إللي ڤيروز قالتلي عليها .. إنها كتبت باقي حقها من الورث للدار بإسم عز الدين علاء محمد .
في الوقت دا كُنت واقفه وعيني بتدمع ؛ لإني إفتكرت الحلم إللي شوفتهُ من سنين طويلة .. وإتأكدت ف اللحظة دي إن إللي كانوا بيزقوني علشان أقع كانوا ولادي .. وإن الإيد اللي مسكتني قبل ما أقع ف الحُفرة .. كانت إيد ڤيروز .. بنتي .
قبل ما أخلص كلامي .. حابة أقول حاجة .
أوعى تسلم نفسك للشيطان .. لإنه أحب ما على قلبهُ إنهُ يغرقك .. ينسيك ربنا .. يبعدك عن أهلك زاي ما ولادي عملوا معايا .. وإللي بدعيلهم وهافضل أدعيلهم ربنا يصلحلهم الحال ويهديهم ويبعد عنهم شيطانهم .
ولو بعد سنين جولي طالبين السماح .. مش هاتردد أبداً .
تمت.