حارقة الجلود بقلم الكاتب أحمد محمود شرقاوي
امبارح بعد نُص الليل قمت من نومي عشان أدخل الحمام وانا شبه مُغيبة من تأثير النوم عليا، بس مسافة ما عديت على أوضة أخويا بدأت أسمه صوت أنين كأنه بيتألم جوة أو بيتعذب، طار النوم من عنيا فورا وخبطت على الباب وناديت عليه مرة واتنين عشان أطمن عليه بس مكانش بيرد عليا إطلاقا، ومن قلقي وتوتري فتحت الباب فورًا، وشوفت أخويا الكبير قاعد على السرير وماسك الولاعة وبيولع في جلد دراعه، كان بيسيب النار تاكل في الجلد لدرجة إني شميت ريحة اللحم المحروق في الأوضة..
حارقة الجلود بقلم الكاتب أحمد محمود شرقاوي |
وبدون وعي مني بدأت أصرخ وجريت خدت الولاعة من إيده اللي كانت كلها حروق، وقتها بصلي بصة جمدت الدم في عروقي، بعدها ابتسم وقال بصوت هادي تماما:
- خلاص تعالي نجرب فيكي انتي
ولولا إن أبويا كان وصل من أوضته على صرختي كان ممكن مطلعش من الأوضة سليمة، أبويا بدأ يسب ويلعن فيه وكسر الباب من خنقته وساب الأوضة وخرج، الحقيقة اللي متعرفهاش إن أخويا مُدمن، وإدمان غير طبيعي بالمرة، أخويا بياخد كل أنواع البرشام، وجرب الشادو والاستروكس وحاجات مكنتش أسمع عنها غير في أفلام المدمنين، وغلبنا معاه لمدة خمس سنين لحد ما ابويا رمى طوبته وقاله بالنص
"انا مخلفتش غير ياسمين" اللي هي انا، وطبعا شوفنا معاه الويل، كلمة الويل دي قليلة، وللاسف فيه برشام معين كان بياخده كان بيخليه يحرق نفسه، ويعور نفسه بالموس، بل أوقات كان بيتكلم مع حاجات مش موجودة ورمى نفسه من البلكونة مرتين ولولا اننا في الدور الأول كان اتدمر..
ولما كانت أمي تبدأ في البُكا على حال ابنها وتقوله انها نفسها تجوزه وتفرح بيه كان بيسخر منها ويقول انه هيتجوز بنت من الجِن، لأنه مش محتاج من الستات غير الجِنس، وبنات الجن بيوهبوا ده بدون مقابل وأحسن كمان من بنات الإنس، كان تفكيره شاذ، جنوني، المخدرات خلته يفكر في أي حاجة مجنونة وشاذة، عشان كدا جاب كتب سحر كتير، وابويا كان بياخدها يولع فيها، ومكنش بيحرم، من الآخر أخويا كان شيطان ممكن يعمل أي حاجة لدرجة إني كنت بقفل باب أوضتي بالليل عليا بالمفتاح بأوامر من أبويا كل ليلة..
وعدى اليوم واخويا ملازم أوضته مبيخرجش منها غير لما ينزل في نص الليل يجيب برشام من صُحبة السوء ويرجع، بس في الليلة اللي بعدها على طول معرفش ليه جالي أرق شديد، وجالي إحساس مُقبض وكأن فيه مُصيبة هتحصل في البيت، استعذت بالله من الشيطان الرجيم وخرجت أشرب مية، وبدأت أسمع من تاني أصوات من أوضة اخويا، بس مكنش أنين المرة دي..
كانت همهمات، وكان فيه نور شمعة منور أوضته، بصراحة خُفت أقرب او أدخل بعد اللي شوفته امبارح، وأكيد بيعمل مُصيبة من مصايبه جوة، فضلت قدام الباب أسمع الهمهمات لحد ما وقفت تماما، شوية وبدأت أسمع صوت ضحك، ضحك انثوي، وكأن أخويا معاه واحدة جوة، جسمي كله قشعر وحسيت برُعب كبير، مين دي اللي جايبها في نص الليل، لو ابويا عِرف هيموته، شوية وبدأت تكلمه بصوت مش مفهوم، فضلت أترعش قدام الأوضة لحد ما وصلني صوتها، كانت بتقول:
"هي بتتجسس علينا دلوقتي اطلع احرقها بالنار"