📁 آخر الأخبار

قصة نداهة السياله للكاتب اندرو شريف

 قصة نداهة السياله للكاتب اندرو شريف


بعد ما اترقيت وبقيت مقدم حياتي بقت اصعب، حتى المسؤولية اللي على كتافي زادت وبقيت مُضغوط وبتعصب على أقل حاجة، وعشان كده أي قضية سهلة بقيت بسيبها لخليفة، ملازم أول بس شاطر، مُجتهد في شغله وأنا شايفله مستقبل كبير، بس القضية اللي هتكلم عنها ماكانتش محتاجة مجرد ظابط شاطر، لإن العدو المرادي كان أصعب بكتير، والصعوبة ماكنتش في قوته على قد ما كانت في قدرته وطريقته في التنقل، وده لإننا المرادي قصاد شبح، وأه، أنا اقصد شبح بالمعنى الحرفي.


قصة نداهة السياله للكاتب اندرو شريف





القصة بدأت لما كنت قاعد في مكتبي جوة القسم ولقيت عسكري بيفتح الباب وفي واحدة وراه بتعيط، اول ما شوفته وشوفتها، طلبت منه يدخلها وقعدت اسمعها، وبعد ما دخلت قالتلي وهي بتبكي وجسمها بيترعش:


-مش لقياه يا باشا، دورت عليه كتير واختفى، كإنه فص ملح وداب.. روحت مستشفيات واقسام وماحدش يعرف عنه حاجة، وبعد يومين من اللف جيتلك دلوقتي، جيتلك وبطلب منك تلاقيلي جوزي يا باشا، ده الحاجة الوحيدة الحلوة في حياتي.


-اهدي ياااا.


-سميرة يا باشا، اسمي سميرة، وجوزي المختفي اسمه هشام المليجي.


-طيب يا سميرة، قولتيلي جوزك مختفي من امتى؟


-من يومين بالظبط، وزي ما قولتلك يا باشا، انا دورت عليه في كل حتة جوة اسكندرية ومالهوش أي أثر.


-وأخر مرة شوفتيه فيها.. كانت امتى وفين؟


بصت على الأرض وهي متضايقة والدموع بتنزل من عينيها، بعدها ردت وهي بتبلع ريقها:


-أخر مرة كانت أول أمبارح بليل، في نفس الوقت ده كده، وقتها كنت قاعدة أنا وهو والشيطان حوالينا، اصلنا اتخانقنا خناقة كبيرة، طلقني فيها ونزل وهو مخنوق ومتضايق، ولما فضلت أرن عليه ماكنش بيرد عليا لحد ما الموبايل فصل خالص ومابقاش بيجمع.. انا.. انا خايفة لا يكون حصله حاجة، ده انا ماليش غيره يا باشا ومقطوعة من شجرة وهو الحاجة الوحيدة اللي بتسند عليها.. بالله عليك يا باشا تلاقيه، وابوس ايدك تدوروا عليه، انا عملت المحضر ودخلتلك عشان بيقولوا عليك كلام كويس وانك بتاع ربنا وبتراعي شغلك.


-ماتقلقيش يا سميرة، انا بس عايز اعرف لو هشام كان له حد بيكرهه، أو لو عندك معلومة تفيدنا.. ياريت قوليلي.


-هشام ماكنش بيقولي على اي حاجة، حتى موبايله ماكنتش بلمسه وكل حاجة كان بيعملها بعرفها بعد ما تحصل، وفضلت على الحال ده لحد ما اتعودت، ودلوقتي هو راح مني يا باشا ومش لقياه.


-اهدي يا سميرة، احنا هنشوف شغلنا ونبلغك لو فيه جديد، ودلوقتي تقدري تمشي واحنا هنتصرف.


خرجِت سميرة من المكتب ودخل خليفة وراها، قعد على الكرسي وطلع علبة السجاير من جيبه، خرج سيجارتين وعزم عليا بواحدة، خدتها منه وولعتها، بعدها خدت نفس طويل وخرجته وأنا بقوله بهم:


-في محضر اختفاء اتعمل لواحد اسمه هشام المليجي، مراته لسه طالعه من عندي وشكله طفش منها، فانا عايزك تشوف الموضوع وتحقق فيه، انا مش فاضي للكلام الفارغ ده وفيا اللي مكفيني.


-وماله يا باشا، نحقق فيه، ارتاح انت بس وسيب الحكاية دي عليا، أصل هيروح فين يعني، تلاقيه اتجوز عليها وطفش زي حالات اختفاء كتير حصلت.


-ده مش معناه اننا نطنش يا خليفة.


-ريح بالك انت بس يا باشا وانا هشوف المحضر وهنزل اطّقس على الموضوع.


-تمام، ولو في جديد يا ريت تبلغني.


-على تليفون يا ايهاب باشا.


خرج خليفة وانا بعدها قعدت شوية في المكتب، ولما حسيت بالتعب خدت بعضي ومشيت، رجعت البيت وارتاحت من الطريق وعملت أكل، أصل انا عايش لوحدي من وقت ما ابويا وامي ماتوا، ومن ساعتها وانا متعود على عمل كل حاجة بـ ايدي، حتى الأكل، لما بعمله بيبقى له طعمة تاني عن بتاع برة، زي المكرونة اللي باكلها دلوقتي، هاتلي محل يعرف يعمل زيها، بس مش عشان من ايدي، عشان بنفس الطريقة اللي كانت بتعملهالي امي زمان، ومش هقولك بقى على الذكريات اللي دوقتها وافتكرتها مع كل معلقة، ولما خلصت، دخلت أوضتي، ريحت ضهري وروحت في النوم، لكن فجأة فوقت على صوت موج البحر عمال يخبط في الصخر وينحت فيه، فتحت عيني وبصيت حواليا لقيتني في السيالة، نايم على صخرة وجسمي كله مكسر، ولما ركزت، شوفت واحدة واقفة بعيد، مدياني ضهرها وبتغني( يا اللي بتسأل عن الحياة، خدها كده زي ما هي، فيها ابتسامة وفيها اه، فيها قسية وحنية).. بعدها لفت جسمها وبصتلي وهي مبتسمة، كانت ست ملامحها هادية وعينيها واسعة، لابسة فستان عليه ورود كتير ومبلول:


- فيها قسية وحنية، وانا في أخر أيامي ماشوفتش غير القسية.


-انتي بتكلميني انا؟


-أه يا ايهاب، وعلى فكرة، انا أقدر أوصل الرسالة دي مع رسايل تانية، والرسالة دي إن الموضوع انتهى والقضية مش هتفيد، فيا ريت تبعد عنها، انا معاك.. مش ضدك.


قومت من على الأرض وجيت أطلع الطبنجة من جيبي، مالقتهاش، اما الست اللي كانت لسه قدامي، ف ضحكت وقالتلي:


-مش هتلاقيها يا ايهاب، عشان كل ده مش حقيقي، كل ده جوة دماغك انت.


-انتي مين؟


-انا قضية قديمة، خدت حقها بـ ايديها.


-كلامك كله ألغاز وانا مش هصبر عليكي اكتر من كده.


-توء.. كلامي واضح ومفهوم، والحقيقة كلها هنا، على الشط وجوة البحر، بس حتى لو وصلت، مش هتعرف تعمل حاجة، فبلاش تدور.


في اللحظة دي حسيت اني منجذب ليها، اعصاب جسمي كلها سابت وقربت منها وانا مسلوب الإرادة، وقبل ما أوصلها كنت وقعت جوة البحر، فوقت وانا شرقان وجسمي كله عرقان وسايب، وفضلت على الوضع ده شوية لحد ما اتمالكت اعصابي وقومت، دخلت الحمام غسلت وشي وخرجت عملت فطار، ووانا باكل وقبل ما أخلص، موبايلي رن، بصيت على اللي بيتصل لقيته خليفة اللي رديت عليه.


-ايه يا خليفة؟ في جديد؟


-اه يا باشا، شكل موضوع هشام المليجي ده كبير ومش زي ما كنا فاكرين.


-قول اللي حصل على طول من غير مقدمات.


-في حد لقى موبايل هشام على بحر السيالة، ولما فتحه، اتصل بسميرة مراته وقالها ان الموبايل معاه، اصلها اتصلت بينا وقالتلنا، واحنا لما حققنا مع الراجل ده، طلع مايعرفش حاجة اكتر من كده.


-قولتلي فين؟!


-في السيالة يا باشا.


-طب انا نازل قسم الجمرك دلوقتي وعايزك قدامي.


-هو في حاجة؟


-لما تيجي يا خليفة.. لما تيجي.


لبست ونزلت وطلعت على القسم، دخلت المكتب ولقيت خليفة مستنيني جوة، وأول ما شوفته بصيتله بتركيز وقولتله:


-عايزك تحكيلي الموضوع من الأول وبالتفصيل.


-يا باشا انت لما كلفتني بالمهمة قريت المحضر، وعرفت ان هشام وسميرة قاعدين في شقة على بحر السيالة، وعشان كده دورت هناك عن معلومة تفيدني ومالقتش، بعدها روحت البيت وجالي خبر بموضوع الموبايل، ولما حققنا مع الراجل، ماكنش يعرف حاجة، بس المنطقة هناك مافيهاش سيرة غير ان العفاريت والنداهة هم السبب في اختفاء هشام، يعني.. خرافات وكلام فارغ بيتنقل وسطهم.


-وماتعرفش الخرافات دي اصلها ايه؟.. وحتى لو ماتعرفش، عايزك تشوفلي محاضر قديمة عن قضية حصلت هناك.


-اعتبره حصل يا باشا، بس اللي عايزك تعرفه ان المنطقة هنا كده، من زمان وهي عليها كلام، بس ده مالوش علاقة بالقضية، احنا مش هنصدق في كلام العفاريت.


-طب انا عايزك تمشط المنطقة هناك وتخلي غواصين ينزلوا ويدورا على جثته، لكن انت.. انت بتقول ان موبايله كان عند البحر، يعني مش بعيد يبقى الموج شده او حد رماه.


-اوامرك، بس انا مش فاهم، هو انت مصدق في اللي بيتقال؟


-لا مش مصدق، بس احنا قدام قضية اختفاء غريبة، ويا الراجل ده اتخطف، يا موج البحر شده، وعشان نعرف الحقيقة، عايزك تعمل اللي قولتلك عليه وتبلغني بالجديد، واه، قبل ما تمشي، عايزك تعرف مين الناس اللي كلمهم هشام قبل ما يختفي، علاقته بيهم كان شكلها ايه، وكل ده في اسرع وقت يا خليفة.


-أوامرك يا سيادة المقدم.


مشي بعد ما قالي انه هينفذ كلامي، بعدها قعدت على كرسي المكتب وانا بروح بيه يمين وشمال، كنت بفكر في اللي حصل وبربط المواضيع ببعضيها، بس لأ، انا شكلي اتجننت، ماشي ورا عفاريت وكلام فارغ مايتصدقش، اكيد كل دي تهيؤات او صدف، مش حقيقة وواقع هبني عليه الأدلة وهعرف بيها المُجرم، أيوة، أنا لازم أفوق لنفسي وأركز على الواقع، وف وسط مانا بفكر نعست وروحت في النوم، وفجأة فوقت على حاجة لمست رجلي، فتحت عيني وبصيت عليها مالقتش حاجة، جيت ارفع راسي شوفتها واقفة قدامي، لابسة نفس الفستان اللي عليه ورود كتير، بس المرادي كان مبلول أكتر، ولما بصيت على وشها لقيته منفوخ وفيه حاجات سودة، كإنها قربت تعفن، منظر مرعب كنت شايفة قدامي ومش قادر أعمل فيه اي حاجة، جسمي كان متكتف واعصابي مش حاسس بيها، ومع كل ده، اتكلمت وقالتلي؛


-الموضوع اكبر من ما انت فاهم، وزي ما قولتلك، بلاش تدور، كده كده مش هتعرف تحل حاجة.


رديت عليها والكلام بيطلع مني بالعافية:


-ا ا انتي حقيقية ولا انا بحلم؟


-بتحلم.. بس انا موجودة حواليكوا ومش محتاجة مساعدتكوا، وبكرة هتفهم ده كويس.


-انتي مين بالظبط؟


-حتى لو قولتلك مش هتفرق، بالعكس.. الموضوع هيتصعب عليك اكتر واكتر.


حاولت اقوم من مكاني، ماقدرتش، لسه اعصابي مش حاسس بيها!


-انتي عملتي فيا ايه؟!!


-ماتقلقش، لما اخرج من هنا كل حاجة هترجع لطبيعتها، ووقتها هيجيلك خليفة، بس ماتنساش، لما تبتدي تفهم.. هتلاقي الموضوع أكبر.


وفعلا، في اللحظة دي اختفت، ومع اختفاءها اعصاب جسمي ارتخت والدنيا بدأت تضلم قدامي، وبعد ثواني، رجعت الدنيا تنور من تاني لما سمعت صوت الباب بيفتح، وفي ايد بتمسكني من دراعي:


-ايهاب باشا، انت كويس؟.. مالك مهبط كده ليه؟


في اللحظة دي دماغي كانت تقيلة وحاسس بدوخة حواليا، لكن شوية شوية بدأت اهدى وفتحت عينيا، بصيت حواليا، شوفت خليفة واقف قدامي ووراه كام عسكري، واضح على وشهم القلق والتوتر.



في اللحظة دي دماغي كانت تقيلة وحاسس بدوخة حواليا، لكن شوية شوية بدأت اهدى وفتحت عينيا، بصيت حواليا، شوفت خليفة واقف قدامي ووراه كام عسكري، واضح على وشهم القلق والتوتر.

-انا كويس مافيش حاجة، شوية تعب وراحوا لحالهم.

رد عليا خليفة بخوف:

-متأكد يا باشا؟؟.. لو في حاجة قول وناخدك على اقرب مستشفى.

-مافيش حاجة يا خليفة قولت، ويلا.. كل واحد يروح يشوف شغله، احنا عندنا كلام مهم ومحتاجين نتكلم فيه هنا.

العساكر طلعوا برة الأوضة وأخر واحد قفل الباب وراه، ارتاحت في قعدتي وطلعت سيجارة ولعتها وخدت منها نفس وخرجته وانا بكلم خليفة:

-ها يا خليفة، ايه الجديد؟

-بس انا ماقولتلكش اني جاي اقولك حاجة!

رديت عليه بتوتر:

-يعني هتكون جايلي ليه، ما أكيد في جديد في قضية هشام.

-بس احنا عندنا قواضي كتير غير قضية هشام.

-خليفة، قول اللي عندك من غير اسئلة كتير، مش فزورة هي، هيكون عفريت قالي اللي هيحصل يعني.

-لا.. عفريت ايه يا باشا، احنا بتوع الكلام ده، بس عامة انا جاي اقولك ان واحنا بنمشط المنطقة، لقينا اتنين بيرموا شوال في البحر، وفي اشتباه ان اللي جوة الشوال جثة، وخلاص، احنا قبضنا عليهم وهم موجودين برة.

انت مستني ايه، ماتدخلهملي.

-الصبر يا باشا، انا ماقولتش كل حاجة لسه، أصل احنا بعد ما شوفنا المكالمات اللي على موبايل هشام، لقينا المعلم حمتو اتصل بيه كذا مرة في نفس اليوم اللي اختفى فيه، وده تاجر كبير وله في أي حاجة، ده غير انه بيتجوز في السنة بدل الواحدة اربعة، كإنه بيغير عربيته بالظبط.

-انت تقصد يعني ان الرجالة اللي برة دي تبقى رجالة حمتو؟!

-الله ينور يا باشا، وبكده يبقى الموضوع مش سهل، وشكل الحكاية فيها حكاية تانية، لإن المكان اللي اترمت فيه الجثة، كان قريب من المكان اللي اتلقى فيه الموبايل، يعني ااا...

-يعني تدخلهملي حالا يا خليفة... حالا.

-لحظات ويبقوا قدامك يا باشا.

خرج خليفة وبعد كده دخلوا اتنين رجالة، شكلهم سوابق ولبسهم مهلهل، واحد منهم كان واضح عليه التوتر، والتاني ثابت كإنه ماعملش حاجة، وبمجرد دخولهم، قربت منهم وانا بقولهم:

-ها.. احكولي الموضوع من الأول.

رد عليا التاني اللي كان ثابت:

-احنا ماعملناش حاجة يا باشا.

لما قال كده، رد عليه زميله بتوتر:

-ماعملناش ايه يا جمعة، احنا اتقبض علينا واحنا بنعمل عملتنا، احنا روحنا في داهية يا جمعة.

-ماتهدى ياض يا خرع وامسك نفسك شوية، انا ماعملتش حاجة يا ابن فاطمة، ولو عايز تشيل الشيلة، شيلها انت.

قاطعته بعصبية:

-ما تنطق يا روح امك منك له، الجثة دي تخص مين وعملتوا كده ليه؟

رد عليا جمعة بنفس الثبات:

-والله يا باشا ما اعرف، احنا كنا بنرمي شوال زبالة في البحر ورجالتك قالوا انها جثة.

-اه.. وانا المفروض اصدق بقى، صح كده؟

-والله يا باشا لو مش مصدق روح اسأل البحر، انا راجل ماشي في السليم وبتاع ربنا، جثث ايه بس اللي ارميها.

-اااه، ده انت شكلك عايز العلقة التمام عشان تنطق؟

-ربنا هو اللي هيجبلي حقي بقى يا باشا، انا راجل غلبان وانتوا هتفتروا عليه.

ابن فاطمة اتدخل في الحوار وهو خايف:

-لا يا باشا، علقة ايه اللي اخدها، انا اصلا ماكنتش عايز اعمل الحوار ده من الأول، ولولا اني عارف المعلم وقلبته، ماكنتش حطيت نفسي في الموقف ده.

-اهو كده الكلام يا ابن...

-محسوبك حسنين يا باشا، حسنين الجزيري.

-طيب قولي يا حسنين، ايه الحكاية؟

قاطعنا جمعة وهو متعصب:

-انت هتقول ايه الله يخربيت امك؟.. عايز تلبسنا في حوار ماحصلش، ما تمسك نفسك بدل ما اعجنك دلوقتي، بقولك ايه يا باشا، انا ماعرفوش، واللي هيقوله ده يخصه هو لوحده، مايخصنيش.

-والا.. اظبط كده بدل ما اظبطك، وانت يا حسنين، احكيلي الحوار وماتخافش، انت في حمى الحكومة.

هز راسه ورد عليا وهو بيبص لجمعة بطرف عينه من الخوف:

-هقول يا باشا، وماقولش ليه يعني؟.. اه، الموضوع وما فيه ان راجل من رجالة المعلم حمتو خالف أوامره، وف عُرف الشغلانة، العصيان بموتة، وده اللي حصل، المعلم قتل الواد وقالنا نرميه في البحر.. انا خوفت في الأول والله، بس انا عندي عيال، ولو عصيت أمره هترمي معاه، فـ وافقت مُجبر، وعشان اللي اتعمل غلط، اتقبض علينا وادينا واقفين قدامك دلوقتي يا باشا، لكن والله انا ما قتلت، انا نفذت اللي اتقالي خوفا على نفسي مش اكتر.

-واللي اتقتل ده يبقى هشام المليجي.. مش كده؟

بصوا لبعض بـ استغراب، وبعد لحظات من الصمت حسنين قالي:

-هشام المليجي ايه يا باشا؟.. ده الواد ابو العلا، ابن صباح الخدامة، لكن هشام ااا.

قاطعه جمعة وهو متعصب:

-ما تسكت بببقى، اسكت، انت عايز تودي نفسك في داهية وخلاص، اسكت بدل ما انت عمال تخطرف بالكلام وهتندم بعدين.

رديت عليا وانا متعصب:

-انت بتهدده وانت واقف قدامي يا روح امك؟

-لا يا باشا، اهدده ايه بس، انا راجل غلبان وبجري على كوم لحم، وهو عبيط في دماغه و مش عارف بيقول ايه، بس لو هتاخدوا على كلام واحد عبيط يبقى برة عني، انا جيت ارمي شوال زبالة لقيت الحكومة بتقبض عليا، بس.. بس قولي يا باشا، عقوبة رمي شوال الزبالة كام يوم؟

-انت هتهزر ياض يا ابن ال...

-الا الأم والأب يا باشا، دول نعمة كبيرة ومانقدرش نغلط فيهم.

-وانت مقدر النعمة دي؟

-اهو بنحاول، وربك شايف وعارف.

-قديم اوي الكلام ده يا جمعة، بس هسيبك تعيش عليه شوية، وانت يا حسنين، كمل.. قولي اللي تعرفه وماتخافش.

-هقول يا باشا، الموضوع وما فيه ان المعلم حمتو بيتجوز في السنة طقم حريم، والسنة اللي بعدها بيطلقهم وبيتجوز غيرهم، وكله بالغصب والإكراه، بس حظه وقع في البت كوريا، اللي لما شافها في الحتة عينه زغللت بيها وقرر يتجوزها، هي اه رفضت في الأول، بس الفلوس والخوف بيعموا، وحصل، اتجوزها والسر اللي كانت دفناه اتفضح، وده لما عيل من عيال المعلم سمعها بتكلم واحد تاني، وعشان المعلم كان جايب لكل واحدة من حريمه خط وتيلفون، عرف هي بتكلم مين، ووقتها خد منها التليفون وحبسها في اوضة ضلمة، وحاول يتصل بهشام كتير بس ماكنش بيرد، وبكده ماكنش قدامه غير انه يكلم حد من رجالته عشان يجيب هشام، بشرط، انه يبقى حي وبشوكه.

-وطبعا مالاقوش هشام.

-بالظبط يا باشا، كان فص ملح وداب ومابقالوش أي أثر.

-واللا.. انت تعرف لو كنت بتكدب عليا هعمل فيك ايه؟

-اللي تعمله يا باشا، انا مابقتش خايف من حاجة غير من ربنا، وبعدين هي كده كده نهايتي قربت.

حسنين خلص كلامه وطلعت سيجارة من العلبة، بعدها أمرت بتحويلهم على النيابة وناديت على العسكري اللي خدهم من قدامي وكلمت خليفة، قولتله يطلع أمر بضبط واحضار حمتو وبسرعة.. لكن انا.. انا من التعب رجعت البيت نمت شوية، وبعد ما صحيت وفوقت تاني يوم، روحت القسم، دخلت مكتبي وقعدت وسرحت شوية في القضية لحد ما حمتو وصل، وبعد وصوله، قعد قدامي وكان واضح على وشة علامات الثقة:

-انت عارف ان رجالتك قالوا عليك كل حاجة؟

رد عليا وهو بيضحك ضحكة بايخة بصوته التخين:

-والله يا باشا انا ماعرفش انت بتقول ايه، ولو على حسنين، ده عبيط، شغلته معايا عشان مش لاقي ياكل، وادي أخرت اللي يعطف على عالم جعانة.

-بس انا مش حسنين، وفاهم وعارف كويس اللي فيها.

-طب رسيني على اللي فيها، أصل بعدم اللامؤخذة الكلام مش واضح، وانا راجل متجوز، والبت كوريا عايزه تاكل أكلة سمك حرشة النهاردة، وبعيد عنك بقى، انا مابقدرش ارفضلها طلب.

-وكوريا بقى قالتلك ايه على علاقتها مع هشام؟

-هشام المليجي ده ماضي عند كوريا واتنسى، وانا قولت اتصل بيه عشان أرسيه وأفهمه انها دلوقتي ست متجوزة وعلى ذمة راجل، ومش أي راجل، ده المعلم حمتو، اللي اسكندرية تمًا بتتكلم عنه.

-وانت بقى لما لقيته مش بيرد، قتلته، مش كده؟

-لأ، انل ماكنتش هتصل لو كنت ناويله على شر.

-طب والشوال، كان فاضي.. ولا ايه الكلام؟

-دي حاجة تسألهم هم فيها، اما انا، برة عني الكلام ده، اصلي مش ابوهم ولا ولي أمرهم.. حاجة تانية يا باشا؟

-لا يا حمتو، بس افتكر اننا هنعوزك تاني، والمرة الجاية هتكون ورا الحديد.

قام من مكانه وهو بيرد عليا:

-ربنا ما يجيب حديد يا باشا، استأذن أنا.

-ماشي...

سيبته يمشي عشان مافيش دليل واحد عليه، خاصة ان ماحدش شاف الشوال ده جواه ايه، لا وكمان احنا ماقدرناش نجيبه من البحر مرة تانية، أصل الموج كان عالي واللي بيترمي مابيرجعش، حتى الشهادة، كانت كلمة لكلمة، من حسنين لجمعة، ومش بعيد جمعة يخرج منها زي الشعرة من العجينة.. ومع تفكيري في كل ده، قطع التفكير صوت رنة تليفوني، مسكته وبصيت فيه وعرفت ان اللي بيتصل كان خليفة، فرديت عليه، بس قبل ما انطق اتكلم هو وقالي:

-سميرة عاملة مشاكل يا باشا ومخليانا مش عارفين نشوف شغلنا.

-ايه اللي حصل تاني؟.. انا فيا اللي مكفيني.

قطع التفكير صوت رنة تليفوني، مسكته وبصيت فيه وعرفت ان اللي بيتصل كان خليفة، فرديت عليه، بس قبل ما انطق اتكلم هو وقالي:

-سميرة عاملة مشاكل يا باشا ومخليانا مش عارفين نشوف شغلنا.

-ايه اللي حصل تاني؟.. انا فيا اللي مكفيني.

-ماشية على البحر وعمالة تقول النداهة ندهت جوزي، وواضح كده ان برج من عقلها طار، خاصة بعد اللي حصل لجوزها.

-والله انا مابقتش فاهم مين اللي برج من عقله طار، بس ماشي، انا عايزها على مكتبي حالا يا خليفة، خلينا نخلص من القضية المعقربة دي.

-وحمتو يا باشا؟.. ايه اللي حصله؟

-هيحصله ايه يعني؟.. ماهو مافيش دليل واحد عليه، واللي شهد ضده، التاني بيقول عكس كلامه، واحنا مش بناخد اللي على مزاجنا يا خليفة، لازم دليل، والدليل في البحر دلوقتي.

-تمام يا باشا، أنا هجيب أمر بـ استدعاء سميرة وهتكون على مكتبك حالا.

قفلت مع خليفة وريحت ضهري على الكرسي، بصيت للسقف وانا بقول لنفسي(ماهو ده اللي كان ناقص، العفاريت كمان بقت بتخش في شغلنا، بس لأ، حمتو ورا كل اللي بيحصل، واكيد فيه دليل، والدليل ده هيظهر لما نكثف المراقبة عليه، ووقتها بس هيقع في أي غلطة تكشفه)

وفعلا، أمرت بتكثيف الرقابة على حمتو، وعلى ما الأمر صدر كانت سميرة وصلت القسم ودخلت مكتبي وهي بتترعش وبتتلفت يمين وشمال، حتى عينيها ماكنتش ثابتة وعمالة تتحرك.

-مالك يا سميرة؟.. انتي كويسة؟

ردت بتوتر باين في كلامها وطريقتها:

-انا؟.. انا يا باشا؟.. انا كويسة طبعا، مش كويسة ليه يعني؟

-اومال ايه الكلام اللي انتي دايرة تقوليه وسط الناس ده، انتي مش عارفة اننا بنشوف شغلنا عشان نلاقي جوزك؟

-تلاقوا مين بس؟.. انا جوزي النداهة ندهته، وزمان السمك ماسابش في جتته حتة.

لسه كنت هتعصب عليها لقيت ملامحها اتغيرت، وشها بقى نحيف وملامحها مرعبة، ومع التغيير اللي حصلها، كملت كلامها بصوت مبحوح.

-مش قولتلك يا ايهاب ان انا اللي عملت كل حاجة ومالوش لزوم اللي انت بتعمله دلوقتي ده؟

-انتي مين؟

-انا هناء، كابوس كل واحد مؤذي، بس اللي اتعمل فيا زمان، هيترد لكل واحد يستحق.

-وانتي ايه اللي حصلك يا هناء؟

-مش لازم كل حاجة تعرفها، بس اللي لازم تعرفه، ان انا ماخلصتش وسيبتك تخلص تحقيقك عشان اوريك انك ضعيف.. ضعيف ومش هتقدر تعمل حاجة، لكن انا.. انا اقدر اعمل اي حاجة وفي أي وقت.

-ان ان ان.. انتي هتعملي ايه؟

-مانا قولتلك، مش لازم كل حاجة تعرفها، انت تعرف اللي انا عايزة اقولهولك وبس.

في اللحظة دي رجعت ملامح سميرة طبيعية مرة تانية، حتى الخوف رجع مسيطر عليها، وفضلت تبص يمين وشمال وهي متوترة، بلعت ريقي بقلق وبخوف وحاولت اطمنها، لكن ماقدرتش، كإن في حاجة مسيطرة عليها ومخليها بتعمل حركات لا ارادية، وعشان كده، ماكنش قدامي غير اني افرج عنها، خاصة انها ماعملتش حاجة وانا اكتر واحد عارف وشايف اللي بيحصل، ماعرفش بقى اذا كنت مجنون ولا بحلم، لكن الموضوع ده لازم ينتهي في أسرع وقت، والنهاردة.. وعشان يحصل كده، كلمت خليفة وقولتله اني عايز انزل السيالة دلوقتي، بالتحديد للمكان اللي اتلقى فيه الموبايل، ومن غير أسئلة كتير نزلنا، وأول ما خليفة شافني قالي:

-انا طاوعتك ونزلت من غير ما اسأل عن السبب؟.. بس انا مش فاهم ومحتاج افهم، على الاقل اعرف هتعمل ايه هنا عشان اقدر اساعد.

-هتفهم كل حاجة دلوقتي.. ماتستعجلش.

هز دماغة وهو مش فاهم حاجة، اما انا، فوقفت ناس وسألتهم عن النداهة، وكلهم بلا استثناء كانوا بيخافوا ويمشوا، وطبعا كل ده وسط نظرات تعجب من خليفة اللي ماكنش فاهم حاجة، لحد ما لقيت راجل طيب قاعد بيصطاد، قربته منه وقعدت جنبه وقولتله:

-الدنيا ماشية النهاردة ولا البحر زعلان؟

رد عليا وهو بيضحك:

-البحر مايزَعلش غير على اللي بيتكبر عليه، وانا جاي اقضي يومي وانا باصص للبحر وجماله، ولو ربنا كرم بسمك، يبقى خير.

-واضح انك ساكن هنا.

-من حوالي تلاتين سنة وانا واخد بيت يمة البحر، وكل يوم سبت بقعد نفس القعدة دي، بس قليل لما ناس وشهم بشوش زيك كده، يقعدوا معايا.

-مش يمكن تغير رأيك لما تعرف انا جاي ليه؟

-ومش يمكن انت وقعت في طريقي عشان تعرف حاجة تهمك.

-وانا مش هطول عليك، انا جاي عشان اعرف عن هناء، او اللي بيسموها النداهة.

-انت كمان تعرف اسمها؟.. غريبة، اومال عايزني ليه بقى؟

-عشان انا ماعرفش اي حاجة عنها غير اسمها.

-وانا هريحك واقولك.. الموضوع ابتدي من حوالي 15 سنة، لما لقينا واحد اسمه عبد الجليل ماشي على البحر وبيصرخ، بيقول انه رمى مراته في البحر، ومراته دي بقى تبقى هناء، بت مقطوعة من شجرة، كانت جميلة وملامحها هادية، اهلها ماتوا وهي صغيرة ومافيش حد بيسأل عليها، وعبد الجليل ده بقى كان كل حياتها، روحها فيه، وكان هو بالنسبالها كل حاجة.

-وررماها في البحر ليه؟

-مانا جايلك في الكلام، أصل القصة ماخلصتش هنا، دول أهل المنطقة لما شافوه بالحال ده، اتصلوا بالحكومة، ولما جم وقبضوا عليه، قال انها قفشته وهو بيخونها في نص الليل، ووقتها هددته انها هتفضحه وسط المنطقة، وكمان قالتله انه عيل ومالوش قيمة، مايستاهلش الحب اللي هي قدمتهوله، وبسبب كلامها، الدم جري في عروقه وضربها على دماغها وساحت في دمها، اغمى عليها وبعد كده قطعت النفس، وبكده، ماكانش قدامه غير انه يرميها في البحر لأنه لو عمل كده ماحدش هيمسك عليه حاجة، بالذات بقى انها ماعندهاش اللي يسأل عليها، يعني جريمته كاملة، وفعلا، رماها في البحر وخلص منها، لكن الغريب ان من ساعتها وحاله اتبدل، كان بيقول انها بتظهرله وبتهدده انها هتموته، لدرجة انه اتجنن ومشي يكلم نفسه، واخرتها الحكومة قبضت عليه وكانت هتحوله لمستشفى الأمراض العقلية، بس قبل ما يتحول، قتل نفسه في الزنزانة، ومن ساعتها وهي بتظهر هنا بعد نص الليل، في اللي بيشوفها من بعيد وبيجري، وفي اللي بتبقى جاياله مخصوص ومابيقدرش يهرب منها، وشكلها كده ظهرت تاني، والمرادي هي عارفة جاية لمين وليه.. وبس يا بني، هي دي القصة واللي كان.

-اومال ليه الناس هنا خايفين يحكوا الحدوتة، وكل ما اسأل حد عنها بيبعدوا عني، كإن في حاجز بيني وبينهم.

-عشان خايفين، وماحدش عالم هي ممكن تعمل ايه تاني، اما انا، ف راجل كبير في السن، يعني مش باقي على الدنيا، وانت شكلك عايز تساعد، يمكن الشفا يبقى على ايديك.

-الف شكر يا راجل يا طيب، تعبتك معايا.

-لا تعب ولا حاجة، احنا كلنا اسباب في حياة بعض.

خدت نفس عميق وقومت من مكاني، مشيت مع خليفة، وقبل ما نتحرك ونبعد أكتر، بص لي وقالي:

-انت مصدق اللي بيتقال عن النداهة يا باشا؟؟

-انا مابقتش فاهم حاجة يا خليفة، لكن في حاجة بتقولي اني لازم افضل هنا لبليل، اهو، جايز اعرف نهاية الموضوع ده ايه.

-انت لسه هتفضل هنا لبليل يا باشا؟

-اه يا خليفة، بس امشي انت، شكلك مُجهد، ثم انت تعبت معايا النهاردة.

-لا يا باشا، انا مش هسيبك، خلينا نشوف اخرة الموضوع ده ايه، انت بس سيبني أروح اجيب كرسيين نقعد عليهم، وبعد كده نستغل الوقت في قعدة حلوة على البحر.

-ماشي يا عم، وانا مستنيك.

راح خليفة وجابلنا كرسيين وقعدنا نرغي لحد ما الوقت سرقنا والساعة جت 12، وقتها كنا متلجين من برد الليل، وعشان ادفي صدري قولت اطلع سيجارة من جيبي، بس للأسف، لقيت العلبة خلصانة وانا ماكنتش هقدر اكمل بقيت الليلة من غير سجاير، فـ قومت اجيب واحدة غيرها، لكن قبل ما اقوم، قام خليفة سبقني وراح هو، قالي ان علبته هي كمان خلصت وهيجيب غيرها، وفي اللحظة اللي راح فيها خليفة، شوفت حمتو جاي من بعيد، كان باين عليه انه بيترعش وخايف، قرب من البحر وهو ومجذوبله، بعدها اتكلم بصوته التخين:

-انا مش هعمل كده تاني، اللي بيحصل ده كان غلطة ومش هتكرر، والمعلم حمتو مايغلطش مرتين.

لما بصيت عشان اشوف هو بيكلم مين، شوفتها، هناء، كانت واقفة بعيد وفي عينيها الشر، وفجأة صرخت في وش حمتو وقالتله:

-كلكوا شبه بعض وعمركوا ما هتتغيروا، عشان كده انا هخلص جنسنا منكوا، انتوا تستاهلوا الموت بدل المرة ألف.

وقتها حمتو كان بيقرب من البحر أكتر وهو مسلوب الإرادة، برقت وندهت عليه بعلو صوتي لكن ماردش عليا، كإنه مُغيب ومش شايف حد غيرها، ومع منظره وقربه اكتر للبحر، قومت وانا بوجه كلامي لهناء.

-سيبيه يا هناء واحنا هنقدر نقبض عليه، اللي انتي بتعمليه ده غلط، انا اه مش عارف اذا كنت بكلم عفريته ولا بني ادمه، بس لازم تفهمي ان القانون هيعمل معاه اللي المفروض يتعمل.

ضحكت ضحكة هزت البحر وعلت موجه:

-كنتوا قبضتوا عليه في المرة الأولى، هو وهشام وعبد الجليل واللي زيهم يستحقوا الموت، وزي ما بيخونوا اعز ما ليهم، زي ما يستحقوا الموت، وحمتو ده مش بيخون اعز ما له وبس، ده كمان بيتاجر فيهم وفاكرهم سلعة، يقدر يبيع ويشتري فيهم، وانا عندي القدرة.. القدرة اللي تخليني اقضي على أمثاله واللي زيه، اما انت، كويس، بس في الاخر انسان، ضعيف ومش هتقدر تمسك حاجة عليهم.

في اللحظة دي جريت على حمتو ومسكته قبل ما يرمي نفسه في البحر، بعدها بصيت لهناء اللي لقيت علامات الغضب باينة على وشها:

-لو فاكرة انك باللي بتعمليه ده هتاخدي حقك، احب اقولك انك بتغلطي نفس الغلطة اللي حصلت فيكي زمان، وماتفرقيش حاجة عن عبد الجليل وغيره، ولو عايزة تساعدي بجد، يبقى تبعدي عن كل ده وسيبيني انا انفذ القصاص واساعد في تحقيق العدل.

واختفت هناء، اما المعلم، ف فاق وهو بيهلفط بالكلام.

-ايوة، انا اللي قتلته، والشوال ده كان فيه راجل من رجالتي، بس والله.. والله انا ما قتلت هشام ولا شوفته، انا كنت بكلمه عشان اعمله كمين، بس هو ماردش، ولما اطقست عليه وعلى مكانه، مالقتهوش، لكن والله ما قتلته، انا بريء من دمه، وهعمل اي حاجة انتوا عايزنها، لكن ابعدوا الست دي عني، دي عايزة تخلص مني وترميني في المايه، ربنا ينتقم منها، غوتني في حبها وكانت عملالي كمين.

-اهدى يا معلم، اهدى.. احنا هنروح القسم ونشوف الموضوع ده هناك.

قاطعني خليفة وهو بينهج:

-ايه اللي حصل يا باشا، انا شوفتك قاعد على الأرض ومعاك واحد، هو في ايه؟

-مافيش حاجة يا خليفة، النداهة اسطورة، والمجرم الحقيقي هم البشر.

-ايه الألغاز دي يا باشا، هو حصل ايه قبل ما أجي؟

-هفهمك كل حاجة في القسم يا خليفة.

قومت من على الأرض ومعايا المعلم، المعلم اللي اعترف في محضر رسمي بكل حاجة، وبعد كده سلمته للنيابة اللي حبسته ودلوقتي هو مستنيه حكم المحكمة، وبكده تبقى انتهت قصة النداهة، ولأول مرة الجريمة يبقى طرف فيها، شخص من ما وراء الطبيعة، ومن ساعتها، وهناء أو النداهة، بقت بتظهرلي وبتساعدني في قواضي كتيرة، ومع ذلك، اسطورتها وسيرتها لسه مخوفة أهل منطقتها، في السيالة.. أو زي ما بيسموها هناك، نداهة السيالة.




تعليقات