قصة الساحر شعيب بقلم احمد محمود شرقاوي
سنة 1994 وبالتحديد في ولاية (النيل الأبيض) بالسودان كان فيه شاب سوداني عنده طموح كبير وبيحلم زي كتير من الشباب بحلم (الثراء السريع) عشان كدا بدأ يجمع فلوس من أكتر مِن مصدر ويدخلها في أكتر مِن مجال استثماري، بس زي ما بيقولوا تأتي الرياح بما لا تشتهي السُفن، ويخسر الشاب ده يوم بعد يوم جزء كبير من الأموال ويتفاجئ في يوم وليلة إنه مش هيقدر يسدد فلوس الناس لأنه خسرها كلها تقريبًا..
ورطة كبيرة مكنش عارف ممكن يتصرف ازاي خاصةً إن الخبر بدأ ينتشر والناس بدأوا يطالبوه بفلوسهم اللي عنده، وفضل في حيرة طويلة وبيحاول يلاقي أي مخرج مِن اللي هو فيه، فكر إنه يهرب من البلد بس كان حل صعب لأنه عارف إنه هيعيش مُطارد اللي باقي من عمره كله، وبعد تفكير طويل بدأ يظهر قدامه حل غير جدًا وصعب إنه يخطر على بال أي حد..
بدأ أكتر من حد يتكلم قدامه عن (الساحر شُعيب) وده كان دجال شهير جدًا في الفترة دي، واكتسب شهرة كبيرة يمكن في السودان كلها وقتها، شُعيب كان بيُقال عنده إنه بيشتغل (بالزئبق الأحمر) وبيقدر يعمل أمور في عالم السِحر مُستحيل ساحر غيره يقدر ينفذها، عشان كدا كان بيطلب مبالغ كبيرة جدًا من الزباين بتوعه، وقرر الشاب إنه يستعين بالساحر ده لعله يلاقي عنده مخرج من اللي هو فيه ده..
وبالفعل زار الشاب بيت الساحر وقدر إنه يوصل للمُساعدين بتوعه (نور ـ محمد) وقص عليهم المشكلة بتاعته وازاي هو واقع في مشكلة كبيرة ومش قادر إنه يخرج منها، وكان دور الاتنين دول إنهم يستقبلوا الزبون ويسمعوا مشكلته ويقنعوه بقوة الشيخ ويتفقوا كمان معاه على المبلغ المطلوب، وبالفِعل اتفقوا على كل التفاصيل ودخل الشاب ده على (شُعيب) بعد ما عرف منه المشكلة، وكان جواب شُعيب إن الحل الوحيد يتعمل نوع من أنواع الأسحار اسمه (سِحر تنزيل الأموال) والسِحر ده كان شهير في الوقت ده وبيتم عن طريق إن بيتفتح للشخص أكتر من مجال للشغل أو بتتضاعف فلوسه الموجودة بطريقة ما، بس لازم الشاب ينفذ كل المطلوب منه بدون أي تأخير..
وبالفعل اتصرف الشاب في مبلغ مالي وجاب الحاجات المطلوبة وبدأ شعيب في تحضير العمل اللي كان عبارة عن ورقة جلدية مكتوب فيها حروف وأرقام، وقاله إن خلال أيام هتتحل كل مشاكله، ومشي الشاب من عنده وهو طاير من الفرحة، بس استنى الشاب يوم واتنين وتلاتة ومفيش أي حاجة بتتغير، بل على العكس كل الأمور بتسوء يوم بعد يوم، والناس بيطالبوه بفلوسهم..
ورجع الشاب لشعيب وقاله إن المشاكل بتزيد ومفيش حاجة حصلت، واتكلم الساحر وقاله إن الموضوع مش سهل وممكن نجرب طريقة (مضاعفة الأموال) بس السِحر ده لازم يتعمل على مبلغ كبير، يعني مثلًا مليون جنيه نقدر نخليهم اتنين، واقتنع الشاب لأن مفيش قدامه حل تاني وقدر يجهز مبلغ ضخم أداه لشعيب اللي مارس طقوس سحرية قدامه وحط المبلغ تحت السرير وقاله بعد تلت أيام تعالى خد المبلغ مننا متضاعف..
ومشي الشاب وايده على قلبه وبيمني نفسه إن ده يحصل فعلًا، وبعد تلت أيام يرجع الشاب مرة تانية ويقابله واحد من مساعدين الشيخ ويقوله استنى كمان يومين لأن الموضوع مش سهل، الموضوع معقد، وهنا كان الشاب نفذ صبره تمامًا، وهددهم إن الفلوس لو مرجعتش هيبلغ الشرطة ويفضحهم ويقلب عليهم الدنيا كلها، وأكد عليه شُعيب إنهم يومين بس وهياخد فلوسه متضاعفة..
وبالفعل مشي الشاب واستنى يومين كمان، بس الغريب إن الشاب بعد يومين اختفى تمامًا من الولاية كلها، وبدأ الأهل يقدموا بلاغ باختفاء ابنهم، وبدأ الناس يقولوا ده هرب بسبب إنه نصب على ناس كتير في فلوسهم، وبدأت تحريات الشرطة اللي وصلت لأن الشاب كان بيتردد آخر أيامه على بيت الساحر شُعيب، وبالفعل تم استدعاء شُعيب واستجوابه، والغريب إن شُعيب أنكر تمامًا إنه يعرف الشاب ده من الأساس أو إنه زاره في يوم من الأيام، وتم الإفراج عن شُعيب بس كانت فيه شكوك كتير حوليه..
لحد ما قدر ظابط أمن سوداني إنه يقبض على (نور _ محمد) مُساعدين شُعيب وقرر إنه يحاول يوقع ما بينهم، وبدأ يحقق مع كل واحد منهم في أوضة لوحده ويقولهم إن شُعيب اعترف إنهم السبب في اختفاء الشاب، وهنا نور طلب إن الظابط يحميه مقابل إنه يحكي كل حاجة، وفعلًا الظابط وعده إنه هيحميه..
وبدأ نور يحكي أبشع جريمة ممكن تسمعها في حياتك، نور قال إن لما الشاب زارهم وهددهم وبدأوا يحسوا بالقلق قرر الساحر إنه يقتل الشاب ويتخلص منه تمامًا، عشان كدا طلب من مساعديه يطلبوا من الشاب إنه يزورهم عشان ياخد فلوسه، وكان شعيب مجهز حفرة كبيرة تحت سريره، وأول ما حضر الشاب هجم عليه شعيب وقتل بطريقة بشعة وبدأ يقطع الجثة لأكتر من جزء ويحطها في أكياس ودفن كل الأكياس دي تحت السرير بتاعه وردم عليا..
وفورا اتحركت أجهزة الأمن وقبضوا على الساحر وحفروا تحت سريره، وفعلًا لقوا الجثة المتقطعة ولقوا كمية رهيبة من الأعمال والأسحار تحت سرير الدجال ده، وفي النهاية حكمت المحكمة بإعدام الساحر والسجن المؤبد للمُساعدين بتوعه، وهاجرت عيلة الشاب من البلد كلها خوفًا من الناس اللي هيطالبوهم بالفلوس..
للأسف حلم الثراء السريع بيخلي الناس يرموا فلوسهم مع أي حد بدون أي تفكير، والأسوأ من ده إن ناس كتير لما بيقعوا في أزمة بيقرووا يخبطوا على كل الأبواب عشان يلاقوا الحل أيا كان الباب ده حلال ولا حرام وبيتناسوا إن فيه باب عظيم اسمه (باب المُضطر) وإنك لو روحت لربك واستجرت بيه وأنت مُضطر هيجعل لك مخرج وأمان وهيلهمك بالحلول، بس كتير من الناس بيقرووا يخبطوا على أبواب السحرة واللي دايما بيخلوك تغرز في مشاكل أكتر ولو لقيت عنده حل مشكلة تأكد إنك غرزت في مشكلة أكبر.. (قصة حقيقية)
[أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ] سورة النمل آية ٦٢