حكايتي مع الزواج الإجباري.. وصدمة النهاية اللي عمري ما توقعتها
قبل خمسة عشر عامًا، أجبرني والدي - رحمه الله - على الزواج من ابن أخيه، مُخيِّرًا إياي بين قبوله أو التبرؤ مني إلى الأبد. ورغم أن الأمر كان يفوق احتمالي، إلا أنني استسلمت أمام الأمر الواقع، ومنذ تلك اللحظة بدأت رحلتي مع الألم والمعاناة.

لم يكن هناك أدنى توافق بيني وبينه؛ فهو غارق في إدمان المخدرات، بينما أسعى إلى تربية ابني على كُره حتى رائحة الدخان. لم يُصلِّ يومًا، بينما كنت أقيم الليل وألجأ إلى الله بالدعاء. كان لسانه لا يخلو من الشتائم والألفاظ القاسية، بينما لم أكن أملك سوى الذكر والاستغفار. مضت الأعوام ونحن على طرفي نقيض، وتحملت الكثير، ولم أكف لحظة واحدة عن الدعاء بأن يُحدث الله تغييرًا في حياتي.
رغم كل ذلك، كان عزائي الوحيد أن ابني نشأ على الالتزام وحب التعلم، بعيدًا عن تأثير والده. لكن الحياة استمرت على وتيرتها الرتيبة حتى جاء اليوم الذي رحل فيه والدي، وبيع المنزل الذي كان يمثل لي طوق نجاة. حينها، أدركت أنه لا مفر لي من البقاء مع زوجي حتى النهاية، وبكيت بحرقة عندما أيقنت أن حلمي في الانفصال قد تلاشى.
لم تمر سوى أيام قليلة حتى بدأ زوجي يشكو من ألم حاد في بطنه، وبدأت رحلته مع الأطباء والتحاليل، ليخبرنا الأطباء بدهشة أن هناك انتفاخًا غير طبيعي في النصف الأيمن من بطنه، وهو أمر لم يسبق لهم رؤيته من قبل. كانت حالته تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، ولم يكن يملك المال للعلاج، فقررت أن أتكفل بمصاريف الفحوصات رغم كل ما بيننا، فهو - في النهاية - والد ابني. دفعت ما يقارب خمسين ألف جنيه لإجراء منظار متقدم، وبعدها احتاج إلى عملية جراحية لاستئصال جزء من القولون، فتكفلت مرة أخرى بمصاريف العملية دون تردد.
بعد الجراحة، عاد إلى المنزل لكنه لم يتحسن، واستمر الألم يعصف به. وبعد فحوصات متكررة، تكرر نفس التشخيص الغامض، مما دفعه إلى اللجوء إلى أحد المشايخ، الذي أكد أن الأمر ليس طبيًا، بل نتيجة سحر شديد. أتى الشيخ إلى المنزل، وأخبرنا أن العمل مدفون داخله، وطلب منا البحث في المنزل. وبينما كنت أنظف البلكونة، وجدت شيئًا أثار رعبي: ضفدع متحنط، مغروز في نصفه الأيمن إبر ودبابيس، بينما النصف الأيسر خالٍ تمامًا. كان المشهد مرعبًا، واستدعينا الشيخ فورًا الذي قام بفك العمل، وبدأ زوجي في التحسن من اليوم التالي.
لكن سرعان ما عادت الإهانات والمشاكل، حتى أصيب بأزمة صحية جديدة، ليكشف الأطباء هذه المرة عن كارثة أكبر: سرطان في الرئة نتيجة سنوات من التدخين. رأيته ينهار أمامي، عاجزًا عن التنفس، حتى جاءني ذات يوم، وأمسك بيدي باكيًا، طالبًا أن أستمع إليه جيدًا. اعترف لي بأنه كان يدّعي المرض منذ البداية ليستنزف أموالي، مدركًا أنني لن أتخلى عنه مهما حدث. أخبرني أنه كان يخطط لأن يأخذ ميراثي بالكامل ثم يطلقني، لكن مشيئة الله سبقته، وأصابه المرض الحقيقي قبل أن يتمكن من تنفيذ مخططه.
في اليوم التالي، تدهورت حالته بشكل مفاجئ، وتم نقله إلى المستشفى، لكنه لم يعد منها، فقد وافته المنية. وجدت نفسي في عزائه، أبكي، ليس حزنًا، بل ذهولًا مما جرى. أدركت حينها كيف أن الله أخرجني من حياتي معه بطريقة لا تخطر على بال. ليس فقط أنني استعدت أموالي، بل بقيت في الشقة مع ابني، لأحتفل اليوم بحفظه للقرآن الكريم كاملاً.
تعلمت أن الصبر على البلاء لا يضيع أجره أبدًا، وأن الله يدبر الأمور بحكمة تفوق تصورنا. عندما تشتد المحنة وتبدو الأمور معقدة، فإن الله يعد لنا مخرجًا لا يخطر لنا على بال.
قال تعالى:"إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ" (سورة يوسف)